أكتب هذا المقال -غير المصنف- وأنا بحالة صداع عجيبة توصلت إلى أن أسبابها كثيرة للغاية ويصعب حصرها؛ لكن العجيب أنني أكتب في مسودة الهاتف المحمول والإضاءة تكاد أن تفقأ عيني والشعور بتزايد الصداع يبلغ مداه ومع ذلك فأنا متشبث بهذا الهاتف وغارق في الركض خلف الفكرة التي لا رأس لها ولا قدم، وربما أن ذلك يعود إلى أنني أطلت الغياب عن كتابة المقالات الصحافية، وبالتالي فأنا إما أنني أشعر بالغيرة من الكتّاب الذين يحملون نفساً طويلاً ومتقداً للكتابة، أو أنني أحاول أن أنفض عن عاتقي غبار الرتابة اليومية الذي يدفننا بين دهاليز الوقت دون أدنى مسؤولية به أو بما يمكن إنجازه. يقولون: إن ما يكتب في منتصف المقال هو المتن وهو لب الفكرة، وهذا الأمر ينطبق على المقال الذي يحمل فكرة محددة وهدفاً واضحاً له، لكن أن تبلغ بحروفك حتى هذا الحد وأنت لم تقبض على فكرتك فهذا إثم الآثام في الكتابة الصحافية، لكنني وبحكم الصداع الذي يتملكني ويعصد برأسي فأنا واثق من أن البعض ممن سيقرؤون هذا المقال سيلتمسون لي العذر إن كانوا ممن يكنون لي بعض الود وقد يقول البعض الآخر: بأن هذا هو حال كتاب الصحف وسيتطرقون بحنق شديد لكل كتاب الصحف الذين عاشوا زمناً طويلاً وهم لا يوصمون إلا بأبشع الصفات وأسودها! عموماً، نعود للصداع وحكايات الصداع حيث تذكرت أنني كتبت يوماً ما نصه «أشعر بصداع في رأسي» فنط عليّ جيش من «المعقدين» وهم يتساءلون: وهل يكون الصداع في غير الرأس؟! فقلت في نفسي يومها: لعلكم لا تعلمون عن صداع القلب الذي هو أعلى مراتب الصداع وأشدها فتكاً بالإنسان، ومن هذا المكان أقر أنا المصدّع أدناه بأنه لا صداع يستحق أن يسمى صداعاً إلا صداع القلب والروح وإن كان ثمة ما يستحق الرعاية الصحية والنفسية في الإنسان فالقلب أولى به لا لشيء؛ ولكن لأن القلب هو مفتاح كل جميل يمكن أن نحياه وفي المقابل هو أيضاً مفتاح كل قبيح يمكن أن تعيشه النفس البشرية، ولهذا لايسعني في نهاية هذا الإقرار إلا أن أقول: اعتنوا بقلوبكم.