بات عالمنا اليوم بحاجة ماسة إلى التكنولوجيا أكثر من أي وقت مضى، إذ يعتمد مستقبل الاقتصاد والمجتمعات على قدرة الحكومات والشركات والجهات المعنية على التصدي للعديد من القضايا المجتمعية الملحّة، وهنا يبرز دور الاستثمار في التحول الرقمي كعامل رئيسي لتحقيق النجاح في هذا المسعى. ويعترف المسؤولون الحكوميون في المملكة العربية السعودية بأهمية التكنولوجيا ودورها في إعادة تصور المجتمع ودعم التقدم البشري. ومن اللافت ما أظهره مؤشر دِل تكنولوجيز للتحول الرقمي لعام 2020، بأن 90٪ من المؤسسات في المملكة العربية السعودية سارعت إلى تبني برامج تحول رقمي خاصة بها في غضون عام واحد فقط، لتنجز في غضون بضعة أشهر ما كان يستغرق عادة عدة سنوات. ونحن اليوم نشهد بعض التغيرات الجذرية المهمة التي تقود التطور المستمر في القطاع العام، لا سيما في ظل توقعات بنمو حجم سوق التحول الرقمي العالمي من 521.5 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 1247.5 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026. عملية صنع القرار المستندة إلى البيانات: في عالمنا المتحضر والذي ينجم عنه تضخم البيانات وتنامي أهميتها للأعمال، تحتاج المؤسسات إلى حلول لإدارة هذه البيانات وتحقيق أهدافها. وتعمل الحكومة في المملكة العربية السعودية على تبسيط جميع الابتكارات للمساعدة على إيجاد حلول للتحديات المعاصرة. وتغطي هذه الابتكارات نطاقاً واسعاً للغاية، كقطاع الصحة العامة، والتنقل، والإسكان، والأمن، والتعليم، وإدارة النفايات، والثقافة، والسياحة والكثير غير ذلك. ويبقى الهدف النهائي للحكومة بسيطاً للغاية، ألا وهو تحسين جودة حياة جميع سكان المملكة. التفاعل والابتكار في القطاع العام: تستحوذ التقنيات الناشئة، كالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وإنترنت الأشياء وتحليلات البيانات على الجزء الأكبر من استثمارات تكنولوجيا المعلومات، وذلك نظراً لقدرتها على تغيير كيفية عمل الحكومات وتمكينها في هذا العصر الرقمي الهجين. ويعد التحول الرقمي عاملاً رئيسياً لتقدم القطاع العام في المستقبل، بدءاً من الهويات الرقمية التي تركز على المواطن، ووصولاً إلى تبني السحابة المختلطة وتسهيل توفير الخدمات للسكان عن بُعد. وبما أن الحكومة تستثمر الآن بشكل كبير في التكنولوجيا، فإنها تعمل على إعادة صياغة تجربة المواطن، الأمر الذي يعني استخدام التعلم الآلي والمعالجة الذكية لتعزيز كفاءة خدماتها وتلبية احتياجات المواطنين. التحديث المستمر للأمن السيبراني: يشهد العالم هجوماً سيبرانياً كل 11 ثانية، ويمكن أن يكون لمثل هذه الهجمات تأثير كبير على المؤسسات الحكومية، وذلك نظراً لأهمية هذه المؤسسات بالنسبة للأمن القومي، ولسلامة المواطنين ومصادر القوة الاقتصادية والقدرة على توليد الثروة. وقد بات من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن تدعم البنية التحتية للقطاع العام مرونة الأعمال للمساعدة في تحديد الهجمات السيبرانية واكتشافها والتصدي لها والتعافي منها، وتمكين العمليات من العودة بسرعة إلى العمل بكامل طاقتها. وتخطو المملكة خطوات كبيرة في هذا المجال، إذ يشير مؤشر الأمن السيبراني العالمي 2020 إلى أن المملكة استطاعت أن تتقدم 11 مرتبة منذ عام 2018 لتحتل الآن المرتبة الثانية في العالم كأكثر الدول التزاماً بالأمن السيبراني. توفير رأس المال اللازم والابتكار بشكل أسرع: قد عملت مؤسسات القطاعين العام والخاص منذ بداية الجائحة على إعادة صياغة ميزانياتها، مع اضطرار العديد منها إلى خفض إنفاقها الإجمالي. وعندما تتمكن شركة ما من استهلاك تقنية المعلومات على أساس حاجتها، وذلك عبر نموذج «كخدمة»، يكون من السهل تتبع المشروعات التي تسير وفقاً للخطة الموضوعة وتلك التي لا تسير وفقها. ولهذا تتطلع الشركات بشكل متزايد إلى تعزيز مستويات تبني هذا النموذج بما يتيح لها التركيز على الجوانب الأكثر أهمية بالنسبة لها، كتحقيق النتائج المرجوة من الأعمال، وتقديم قيمة للعملاء. ونحن نرى بأن نموذج «كخدمة» يمثل مستقبل المؤسسات الحديثة. ومن الواضح أن الاضطراب الرقمي الذي فرضته البيئة الراهنة يوفر فرصة مهمة للاستفادة بشكل كامل من التقنيات الرقمية للتكيف والاستجابة السريعة للضغوط الخارجية غير المتوقعة. تعمل دِل تكنولوجيز وإنتل بالتعاون مع شركائهما، على دعم المؤسسات والشركات من خلال عروض وحلول شاملة، وذلك لتمكين تلك المؤسسات من تحقيق النجاح الذي تنشده في المستقبل الرقمي الذي نتجه إليه. ويمثل التحول الرقمي المستمر بالنسبة للحكومات خطوة حاسمة لتعزيز التغيير على المدى المتوسط والطويل. فستقود سرعة الابتكار والرغبة لتغيير العقلية الرقمية، التحولات في القطاع العام لما بعد الثورة الصناعية الرابعة.