ربما كتبوا ذكريات رسائلهم في التراب، على خشب الطين، أو في زجاج من الرمل، والحجر الرطب، عند كثيب يحاذي الجبال. يقولون ما لم تقله الظباء التي حدقت بعيون المها، رحب صحرائها واسع، وهي ترمي على فسحة الغيم والغيب أثقالها من هموم، ومن قسوة البشري المرابط خلف معادنه، صاحبي .. جاء من نجمة السهل، والغمر، مقتفيا أثر الجرح في خبب والنخيل على بعد ليل، وجدول ماء، وملح، تنيخ الزواحف في إثره، والجمال. أصخ صاحبي، للصدى مطر يتوجس من ظله، والشموس تخبئ في برد رمضائها حشرجات الرمال. أنخ جرح ما للقصيدة في أثر الظل، والصبح، في قطرات الظلال. تبيض نهارا، وتشرح صدر السماء بأقراطها إذ تلوح، والبرق يعشى على غير عادته، مطر الليل ستر، كما قيل، فيما البروق تلوح في ظلمة: أن تعال. صاحبي كان يولم في صخر نجد ذبائحه، ويطل على قمر عند زرقائه، وهي تبصر، أبعد مما يظن، هنا.... قرب وادي الحجاز، وتنبؤه بصليل بعيد وتخبره بالذي لا يقال. صاحبي كان يشرب من حفنة الظل ماء ويعطي الدلاء الدليل إلى شفق في الغروب، وريح الجنوب توزعه كالأسى في الجهات، ويحقنها سعرة في الشتاء، مذاقا من الدبس، أو قصبا من حقول الهواء، وحينا تناوله اليوسفية كوبا من البن، من حوله السعف أخضر في قبة شعشعانية، والمدى برتقال. * * * * * ولا غرو إن تركت ظلها الريح، في أول السطر، أمكنة في العراء تفتح أزهارها كالنوافذ، تشرق أول ضوء، وخيط الظهيرة ذهب أشجارها في الزوال، هناك... على رف رمل، هنا، رُحلٌ يهدلون، بأصواتهم بُحةٌ، من رزيف الجنود، يحاكون فرخ حمام قليلا، وفي الصخر من كلأ قربهم، عظمة تركتها السباع، وغيم شريد تأوه من ظمأ، خردل، أم زعاف، كسم النصال.؟ إبل في الهياج تخب، تلوح بروق، ونوق، تسير حذاء الحداة الألى اتركوا عند باب المدينة ماء الودائع، وارتبكوا عند ماء الجدال، وكنت نزلت بسهل قريب، ومنعرج عند سوق عكاظ، ودلتني الريح نحو الجهات التي للمقيم بها قدم والمنازل تهفو إلى نسم الظل حيث صباحاته سمسم، والهوادج تنظر من أفق لجنوب الحنين، وتنظر حينا كطرف النوافذ، نحو الشمال.