الوقوع في الحيرة عند تعدد الخيارات أمر طبيعي ما لم يتحول إلى عائق يمنع من الوصول إلى أي قرار، فالإفراط في التفكير حتى بلوغ مرحلة العجز عن اتخاذ القرار يسمى «الشلل التحليلي»، الذي يحدث بسبب الخوف من الخطأ أو طلب الكمال، وهو ليس قسراً على القرارات الكبيرة فقد يعاني منه البعض حتى مع القرارات الصغيرة، فتجدهم يرهقون أنفسهم بالتفكير في التفاصيل ويغوصون في الخيارات في محاولة منهم لاختيار الخيار الأفضل، لينتهي بهم المطاف وقد غرقوا في بحر الاحتمالات فاقدين للعديد من الفرص، وهذا ليس مدعاة للتسرع، فالتروي في اتخاذ القرار ودراسة الخيارات المتاحة مطلوب شريطة ألا يتحول إلى تردد مزمن. ويمكن للشخص معرفة إصابته بشلل التحليل بدراسة سلوكه عند إقدامه على اتخاذ قرار معين، فالمتعارف عليه عند العمل على اتخاذ القرار أن الخيارات تتقلص حتى الوصول إلى قرار معين، أما مع «الشلل التحليلي» فالخيارات تزداد توسعاً وتشعباً حتى يصبح استبعاد أحد الخيارات أمراً في غاية الصعوبة. فإذا لاحظ الشخص أنه يعاني من الشلل التحليلي فعليه أن يتدرب لمواجهة مخاوفه من اتخاذ قرار خاطئ، فالكل يخطئ وتلك ليست نهاية العالم، كذلك عليه الإيمان بأن اتخاذ القرار أهم من الإسهاب في التفكير بغية الكمال، فالوقت يمضي ومهلة الاختيار تنقضي وقد يجبر على خيار يكون الأبعد عن الكمال، كما أن عليه عدم اجترار الماضي بالتفكير في القرارات الخاطئة التي سبق له اتخاذها، لأن ذلك قد يؤثر على ثقته في قدرته على اتخاذ قرار صحيح، ليتحول اتخاذ القرار إلى هاجس يقض مضجعه. ومن التجارب الناجحة لعلاج «شلل التحليل» أن يبحث الشخص عن مشتت ينقذه من الإفراط في التفكير كالاستمتاع بهواية يحبها، أما أهم الوسائل المعالجة لشلل التحليل فهي طلب الرأي والمشورة مع العزم والتوكل (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). وأخيراً؛ على الشخص أن يثق بنفسه ويعمل ما باستطاعته عمله، تاركاً الأمور الغيبية لله فلا يعلمها سواه، وليتأكد أنه مهما استغرق في التفكير لن يغير ما قد قُدر عليه وكُتب.