ضمن إطار السلوك، تطغى أحلامنا على التفاصيل والحقائق الملموسة والتي تحظى بأهمية بالغة ونغطيها بطبقة لامعة وبراقة تخفي ما قد نريد أن نراه من التفاصيل المعنيّة. وإن الآمال التي تلوح في أفق أحلام الإنسان، لا تتحقق بالأمنيات.. فالرأي يلده الأمل الذي لا يعرف المستحيل؛ لأنه يستظل بظلال العزيمة ما دام العقل موجوداً والنية صافية.. فلا رأي لمن لا إرادة له.. (وما نيل المطالب بالتمني).. لذا لابد أن تكون أهدافنا محددة وبعيدة عن الضبابية، واضحة المعالم... ونحاول أن نحول الحلم إلى هدف بشكل عملي عن طريق تقرير ماذا نريد، ووضعه ضمن إطار القياس والزمن الذي يستغرق تحقيقه، مع اختيار هدف مرن نستطيع تحقيقه على أرض الواقع، وليس حلماً خيالياً مستحيلاً. إن الاستراتيجية المدروسة والتي تؤدي إلى الهدف المنشود لابد أن نغلفها بالإرادة القوية والتي هي بمثابة محرك عاطفي دون أن يكون الاعتماد عليها كلياً نظراً لأنه ربما نفقد هذه العاطفة ويهدأ هذا الانفعال؛ لذا لابد من برمجة البيئة وتهيئتها بطريقة تضمن لها الاستمرار حتى بعد أن تتلاشى هذه العاطفة. إن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة؛ فالإرادة نصف طريق النجاح.. لذا تحتاج الإرادة إلى القدرة على اتخاذ القرار المصيري في الحياة، ولا يمكن أن يقرر الإنسان دون أن يضيء عزمه بالتوكل على الله.. قال تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران. فمراحل الطريق إلى القيام بالعمل هو مشاورة الآخرين واتخاذ القرار شخصي والبدء بتنفيذ القرار بالتوكل على الله. وهذا إن دل على شيء فهو يدل على وجود قوة الشخصية والتي لا تخضع للحظ.. ولو تأملنا قليلاً لوجدنا أن المشكلة ليست في عدم اتخاذ القرار! وإنما في العجز عن اتخاذ القرار الصائب.ولكن الصواب محال أن يحالفنا دائماً، فالمهم هو الحصول على أفضل النتائج والاحتمالات. أما التردد فهو حجر عثرة أمام تقدم الإنسان ونجاحه، كما قال الشاعر: إذا كنت ذا راي فكن فيه مقدما فإن فساد الرأي أن تترددا وهو يجعل الإنسان يُفني شجرة عمره الوارفة بلا ثمر.. وتذهب طموحاته أدراج الرياح، ومن أهم أسباب التردد هو عدم التمييز بين الأعمال المهمة والأعمال الفورية، مما يؤدي إلى تأخير الأعمال وتأجيلها.. وكذلك القناعة بالأعمال البسيطة والزهد بالأعمال المهمة, حتى لا تتمكن جذور التردد في النفس لابد من البعد عن الكسل والضجر، والتغلب على السكون والخمول، وعدم التعود على العمل الذي ألفناه دون أن نحلل عاداتنا ونحاكمها ونحدد مصادر التردد ثم نوجهها، ومع مرور الزمن سننتصر عليها. فالإرادة ليست بالحلم، بل بالعزيمة وعدم التردد للوصول إلى الهدف، لأنها كالسيف يصدئه الإهمال ويسله الضرب والنزال.. فالإرادة تصنع المعجزات، وعندما نفكر بالغايات يجب أن نتجاهل الوسائل ما دامت تسير في طرق سوي.