تلعب الثروة الحيوانية دوراً هاماً في تحقيق أهداف التنمية الزراعية، إضافة الى دورها الأساسي في الأمن الغذائي. ورغم أن إنتاج الأغنام لا يمثل إلا نسبة ضئيلة في الناتج الإجمالي لإنتاج الثروة الحيوانية في العديد من دول العالم، إلا أن لها دوراً أساسياً وهاماً في الجانب التنموي والاقتصادي والاجتماعي في توفير فرص العمل والدخل المناسب للسكان الذين يعيشون في المناطق الطرفية والنائية. لذا تحرص العديد من الدول على توفير الدعم الكافي والإعانات المناسبة التي تكفل استمراريته ونجاحه. فعلى سبيل المثال رغم إن انتاج الأغنام يمثل أقل من 10% من إنتاج الثروة الحيوانية في دول الاتحادي الأوروبي إلا أن هذا القطاع يحظى بالدعم الكبير من دول الاتحاد وتقديم الإعانة الكافية لاستمراريته ونجاحه لما يوفره من فرص اقتصادية واجتماعية في مناطق التربية. وكذلك الحال في المملكة فقد حرصت الدولة -رعاها الله- أن تقدم الدعم والإعانة اللازمة لقطاع الأغنام لضمان استمراريته للهدف ذاته رغم العديد من التحديات والعوائق التي يواجهها. يواجه قطاع الأغنام في المملكة عوائق كثيرة لا يتسع المجال لبسطها منها ضعف الإنتاجية وكثرة الأوبئة والأمراض وارتفاع أسعار الأعلاف وغيرها. لكن من وجهة نظري أن أكبر تحدٍّ يواجه هذا القطاع اليوم هو عدم ترابط سلاسله وضعفها وتناثرها، إضافة إلى الارتفاع الحاد في تكاليف الأعلاف. وهذا التحدي يبدو أنه غائب عن الجهة المسؤولة عن هذا القطاع، حيث إن المتتبع للبرامج والمبادرات التي تقدمها وزارة البيئة والمياه والزراعة لقطاع الأغنام تتسم بعدم إدراك للمشكلة الحقيقية التي يعاني منها القطاع. فنجد أن العديد من البرامج التي قدمت وتقدم من قبل الوزارة لم يكن لها إسهام واضح في إنجاح هذا القطاع، بل إن قطاع الأغنام يمر اليوم بتحدٍّ كبير أوصلها إلى مرحلة صعبة أجبرت العديد من المربين على التخلص من قطعانهم. ولعل آخر برنامج أعلنته الوزارة يهدف إلى تأهيل 5000 مربٍّ ومربية. ومن وجهة نظري فإن هذا البرنامج بمثابة وصفة طبيب لمريض يعاني من صداع مزمن في ناصيته ويصف له علاج ربطة جروح في أخمص قدميه. نحن اليوم بحاجة ماسة الى إعادة تأهيل القطاع بأكمله حتى لا نُخرّج مربين ومربيات إلى قطاع ميت. قطاع الأغنام بحاجة اليوم إلى قرارات سريعة تعالج مشاكل الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف، وتأسيس برامج واضحة تربط حلقاته وتحوله إلى قطاع منتج يسهم في ردم الفجوة الغذائية وتحقيق جزء من الأمن الغذائي والاجتماعي خاصة والعالم اليوم يمر بأزمة تلوح بأثرها على مخاطر الأمن الغذائي. لذا نكرر بأن تأهيل القطاع يبدأ قبل تأهيل المربي.