واحد من الأسباب التي جعلت نزال ملاكمة الوزن الثقيل بين محمد علي كلاي وجورج فورمان «القتال في الغابة» عام 1974 في كينشاسا بزائير، التي أصبحت اليوم جمهورية الكونغو الديموقراطية، من أعظم اللحظات الرياضية في التاريخ، أن الجميع وقفوا في صف جورج فورمان، الذي كان وحشا حقيقيا، في سن 24 عاما.. بينما محمد علي كلاي في سن 33 عاما.. لم يقف في صفه أحد سوى طاقمه.. بل حتى طاقمه قيل إن أفراده كانوا يحبسون دموعهم، ويتمتمون لبعض عن خوفهم الشديد على البطل الأسطوري من هذا النزال المرعب. وكانت كل وسائل الإعلام في صف جورج فورمان.. فقط كانوا محتارين في أي جولة سيقوم بالقضاء فيها على محمد علي كلاي؟ حتى هاورد كوسل -المذيع الأسطوري- أعز أصدقاء محمد علي كلاي.. خرج إلى العلن وقال: «لقد جاء الوقت الذي نقول فيه وداعا محمد علي كلاي.. بصدق لا أعتقد أنه سينجو في نزاله ضد جورج فورمان!». وكانت هذه العبارة ستكون قاصمة صادمة لأي ملاكم.. حين تأتي من صديقه الصدوق إعلاميًا.. وكان الناس جميعا بعد عبارة هاورد كوسل.. يقولون إن اللقاء منتهٍ ومحسوم. بدأ قتال الغاب.. واستدرج محمد علي كلاي خصمه فورمان إلى وسط البحر.. ثم أغرقه بالضربة القاضية.. في لحظة صنفت أنها أعظم لحظة رياضية في التاريخ على الإطلاق. والدرس المستفاد من قصة هذا النزال.. أن الناس جميعا لو اجتمعوا ضدك.. لو راهنوا على سقوطك.. لو وقف أعز أصدقائك في الصف الآخر.. أنت وحدك الذي تقرر فوزك وهزيمتك.. بإرادتك وشجاعتك وثقتك... فقط. بعد 40 عاما أو تزيد من النزال التاريخي.. قال جورج فورمان عن لحظة سقوطه بالضربة القاضية: «في تلك اللحظة، أدركت أن محمد علي كلاي أعظم رياضي في التاريخ. عندما تركني أسقط، ولم يستغل ترنحي كالبقية». محمد علي كلاي.. أغْرَته أمريكا بكل شيء مقابل أن يرتدي البزة العسكرية.. ويلتقط معها التذكار.. ويروج لحربها ضد فيتنام... فقدم البطل لها درسا تاريخيا في الإنسانية والسلام لم ولن تنساه عبر أجيالها. بعد ولادة أسطورة محمد علي كلاي.. ناجزته الصحافة الأمريكية.. وحاربت اسمه.. وقيل له لن تكون بطلا شعبيا مثل أسطورة البيسبول ونجمها التاريخي بيب روث.. فنسيت أمريكا بيب.. وخلدت محمد.