الفكر الداعشي هل كان حالة عابرة ومستغلة من قوى دولية وإقليمية لضرب ما بقي من شكل الدولة العربية المعاصرة؟ هل الفكر والممارسة الداعشية كانت مستورة أم هو فكر خارجي يتكرر على طول التاريخ الإسلامي؟ الأكيد لنا نحن من عايش وشاهد هذه الموجة العنيفة غير المسبوقة من أشكال الإرهاب المغلف بأيديولوجيا دينية، بالنسبة لنا أننا لم نصل إلى قناعة علمية من خلال أبحاث ودراسات معمقة عن أسباب ظهور هذا الشيطان الإرهابي، البعض حصل على مقاطع فيديوهات بالشبكة العنكبوتية لمسؤولين أمريكيين مثلاً يقولون أن حكوماتهم هي من صنع داعش، والغريب أن الجهات الرسمية الأمريكية لا تعلق على مثل المقاطع المتداولة هل تعتبرها من ضمن الفكر المؤامراتي السائد في العالم ضدها أم أن مثل هذه التسريبات غير حقيقية وتأتي في سياق الحملات الانتخابية الأمريكية التي يقال فيها كل شيء ولا يطبق مما يقال في تلك الحملات إلا القليل جداً مما قيل، هذه التسريبات قد تخدم أمريكا وحلفاءها وأنهم هم بالفعل من يسيطرون على كل شاردة وواردة في العالم، وهذا في عالم السياسة غير واقعي وحقيقي، فكم من مدن الغرب وأمريكا ومواطنيها كانوا عرضة لهجمات الدواعش، وكلنا يتذكر ما تعرضت له فرنسا من قتل وتفجير واغتيالات من قبل خلايا داعشية، في عالمنا الدواعش كان لهم دولة وخليفة وعملة وحدود من ناحية المرجعية اتهمت فيها المملكة مثلاً وأنهم يتلاقون معها في مرجعيتها الدينية، ولكن المدن السعودية ورجال الأمن فيها كانوا أكثر عرضة لهجمات الدواعش ودفعت المملكة أرواحاً غالية في التصدي لهذه الظاهرة الإرهابية المغلفة بغلاف ديني قريب للفكر الديني السائد في العالم العربي، وهذا من باب خلط الأوراق والأفكار لتحقيق حالة من الفوضى بدأت وتزامنت مع حالة الربيع والثورات العربية التي خلقت الجو والبيئة المثالية لصنع مثل تنظيم داعش الإرهابي مع وجود حالة إعلامية عربية تبشر تنشر أخباره وتحاول غرس اسم «الدولة الإسلامية» بدلاً من اسم داعش على ذاك التنظيم الإرهابي، وهذا باعتقادي ليس من وليد الصدفة. شاهدت مجموعة حلقات حوارية لبرنامج «ورقة وقلم» بثت قبل سنوات على إحدى المحطات المصرية، البرنامج يقابل مجموعة من الداعشيات والدواعش في سجن في شمال شرق سوريا، مقدم البرنامج نشأت الديهي، إعلامي ومقدم برامج مصري متميز خاصة في هذه الحلقات، فهو لا يقرأ محاور اللقاء فقط، بل يناقشها مع ضيوفه الدواعش الذين من خلال هذه النقاشات الحادة يبوحون عن حقيقة إيمانهم بالفكر الداعشي والأسباب التي دعتهم إلى اعتناقه والانضمام إلى دولة الخلافة ومبايعة الخليفة أبوبكر البغدادي، ليس غريباً أن أغلبهم على درجة من التعليم العالي ويعملون في سلك التعليم في دولهم أو أنهم من دول أوروبية هاجروا اليها في سبيل تحسين حياتهم وهو ما حدث بالفعل ولكن المراكز الإسلامية في بعض الدول الغربية كانت مراكز تجنيد واستقطاب لهؤلاء الشباب العربي وبعض المسلمين من تلك الدول العربية، الأسباب تعددت منها بسبب القراءة الخاطئة للنصوص الدينية من قبل بعض قادة وأئمة تلك المراكز الإسلامية أو بسبب نصرة الشعب السوري الذي كان يتعرض للظلم والعذاب من قبل جيش بلاده، أو بسبب بعض الشباب الداعشي في أوروبا كانوا يعاقدون أن الدين الإسلامي وخصوصيتهم الدينية تنتهك في تلك الدول خاصة فيما يخص قضايا الحجاب وحقوق المرأة التي يعتقد البعض منهم أن الإسلام مستهدف فيها من خلال تلك التشريعات، الحقيقة من يتابع تلك الحلقات يكتشف كيف يخدع شباب المسلمين في دولهم ودول المهجر من أناس لهم أجندات محددة في خلق الفوضى في دولهم ورميهم في تنظيمات تدعي الإسلام وهي تنظيمات إرهابية تقودها الاستخبارات لدول شتى، بعضهم نادم ويعرفون أنه ضحك عليهم من قبل قيادات إسلامية، وهي الآن في دولها لم تهاجر ولم تحارب في تلك المناطق وأبناؤها وبناتها يدرسون في أفضل الجامعات العالمية، النتيجة المؤسفة أن النص الديني يتم توظيفه سياسياً من قبل دول ومنظمات لها أهداف سياسية بعيدة جداً عن ما تدعيه في نصرة الإسلام، والنتيجة النهائية هي الآلاف من الضحايا من الشباب العربي المسلم الذين كان يفترض أن يكونوا أدوات ناجحة في بلدانهم أو في دول المهجر، ولكن النتيجة أنهم اصبحوا أناساً ضحايا محطمين أو مقتولين أو معتقلين مطاردين في دول العالم.