باتت «خيرسون» جنوبي أوكرانيا أول منطقة تسقط في قبضة القوات الروسية باعتراف السلطات المحلية. وتحظى المنطقة الواقعة شمال شبه جزيرة القرم والتي أعلنت روسيا ضمها من جانب واحد عام 2014 بأهمية ومكانة إستراتيجية كبيرة لدى الروس في حربهم، على ما يبدو، ففيها جسر «قناة الشمال» الذي كان يقطع إمدادات المياه العذبة عن القرم منذ 2014، وتم تدميره فعلا مع بداية الحرب؛ كما أنها تتصل جغرافيا بمناطق حيوية عدة ضرورية لأي عمليات تقدم لاحقة، بحسب مسؤولين أوكرانيين. وتحولت قاعدة «تشرنوبايفكا» الجوية في المنطقة إلى نقطة تمركز للقوات الروسية، بما يشمل الطائرات والمروحيات والدبابات وغيرها. وما إن أحكمت روسيا سيطرتها على خيرسون اشتعلت جبهة على حدود منطقة ميكولايف إلى الغرب منها، التي تتصل جغرافيا بمنطقة أوديسا، وكلتاهما تشكلان إطلالة أوكرانيا الوحيدة على البحر الأسود، بعد «قضم» القرم. وفي هذا السياق، أفاد الخبير العسكري في مركز الدفاع الإستراتيجي فيكتور كيفليوك، بأن روسيا تخطط إلى إلغاء إمكانية وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود ووضع أوديسا بين فكي كماشة بتطويقها من جهة البحر جنوبا ومن جهة منطقة ميكولايف شرقا، بعد الاستحواذ على الأخيرة. وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أعلن قبل أيام أن روسيا تخطط لتنظيم استفتاء شعبي في خيرسون، على غرار استفتاءات القرم ودونباس عام 2014، ما يمهد لإعلان استقلالها والاعتراف اللاحق بها، على غرار الاعتراف ب«جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين» في دونباس. فيما أعلن عمدة المدينة إيهور كوليخايف أن السلطات الروسية تخطط لفرض التعامل بالروبل الروسي من بداية شهر أبريل. لكن المسؤولين المحليين في كييف يؤكدون أن الأمور لا تسير كما يخطط الكرملين لهذه المنطقة، لا على المستويات الشعبية ولا العسكرية. وبحسب سلطات العاصمة كييف، فإن الممانعة الشعبية أدخلت خيرسون ضمن قائمة المناطق المحاصرة لإخضاع السكان، وهي قائمة تشمل أيضا مناطق ومدن تشيرنيهيف وسومي وخاركيف، إضافة إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الأوكرانية من منطقتي لوغانسك ودونيتسك، بما فيها مدينة ماريوبول. وتدخل جبهة خيرسون ضمن جبهات أعلنت فيها هيئة الأركان الأوكرانية عن «هجمات تحرير مضادة»، مؤكدة أن المعارك مع القوات الروسية مشتعلة على عدة محاور بالمنطقة، في حين لا تزال مدينة خيرسون نفسها تحت السيطرة الروسية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول في البنتاغون قوله: إن أي نجاح أوكراني في استعادة خيرسون سيكون ضربة قوية للمجهود الحربي لبوتين، يجعل من الصعب على روسيا متابعة أي خطط للسيطرة على ساحل البحر الأسود وميناء مدينة أوديسا في الجنوب.