بالرغم من الاستجابات السريعة من بعض الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة التجارة والمركز الوطني للتنافسية، إلا أنني ألحظ استمرار الاستياء من بعض الممارسين للعمل التجاري في ما يخص الإجراءات المطبقة عليهم، والتذمر من بعض لوائح المخالفات والجزاءات. ولكوني أحد المهتمين بهذا الأمر أشكر وزير التجارة ونائبه الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتنافسية وفريق عملهما على تفهمهم لما يواجه بعض رجال الأعمال، وقد نجحوا -إلى حد كبير- في حلحلة بعض الصعوبات ولا يزال العمل جاريا لتحسين الخدمات، وهو الأمر الذي يصب في تحقيق مستهدفات رؤيتنا الغالية 2030 في دعم القطاع التجاري وتحفيزه وزيادة إسهامه في الناتج المحلي خصوصاً المنشآت الصغيرة والمتوسطة. ندرك أن الاشتراطات واللوائح الموجهة من المؤسسات نحو مجتمعها المستهدف يجب أن تعتمد بشكل كبير على الروابط المشتركة التي تجمعهم، ومن خلالها يمكن الانطلاق إلى إجراءات مشتركة تهدف الى التنظيم والالتزام. ولأن لكل مؤسسة مفهوماً ثقافياً متوارثاً ما لم يتم تحسينه أو تحديثه (البيئة الثقافية)، التي تؤثر بشكل مباشر في مفهوم تقديم الخدمة المرتكز على تصميم اللوائح والتشريعات؛ فإن التصورات والقناعات الشخصية وكذلك الخلفيات العلمية والعملية لمصممي اللوائح تلعب دوراً بارزاً في ذلك التأثير، وبالتالي فإن من الضرورة بمكان أن يتم العمل على التطبيق الدوري والأمثل لقياس أثر اللوائح Regulatory Impact Assessment أو ما يعرف اختصاراً ب«RIA». وحتى نصل لجودة عالية في تصميم اللوائح يستحسن أن يحظى الجانب الإداري بمزيد من الثقة في التصميم وألا تكون قانونية صرفة، من أجل المزيد من المرونة وعدم التعقيد. إن من أهم سمات اللوائح ذات الجودة العالية أن تكون «واضحة» و«قابلة للتطبيق» دون الحاجة لتغييرها أو تعديلها بشكل متكرر. ولعل اختيار الوقت المناسب للتطبيق ومراعاة الفئات المستهدفة وطبيعة أعمالهم وحجمها عاملان مهمان في تعزيز معنى تلك الجودة. إن نتائج الدراسة العلمية التي أجريتها وتناولت مدى التأثير الممكن لجودة اللوائح على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كشفت، أن اللوائح ذات الجودة المنخفضة أثرت بشكل مباشر على نمو الأرباح لدى «المستثمرين»، خصوصاً في المنشآت الصغيرة والمتوسطة SMEs، ولعبت دوراً سلبياً على مستوى مؤشرات الثقة في المناخ الاستثماري العام.