تنز مياه جبال السراة من درع واحد، وتسيل في خبت حفيّ بحفظ سر جوهر الحياة، وتتسارد حكايات الجبليين والتهاميين من مرجعية مشبعة بالشعبية الواقعية والأسطورية، ونجح فرع هيئة الصحفيين بالباحة في جمع مثقفي عسير بنخب الباحة على أرض تهامية، وكأن قرى (عسير الصمود) تناجي مثيلاتها في (باحة الحسن) لتتداخل في جنبات ذي عين العرضة مع الدمة العسيرية. ثقافتان عطريتان اجتمعتا (امعصابة) يقابلها (الغرزة) وكلتاهما مكونتان من نباتات عطرية يفركها الرجل آن يقابل ضيفه ليصافحه برائحة العطر في أنامله، وربما هي إملاءات الجغرافيا التي جمعتهما تقارباً في الفعل والشكل متوجة بوحدة الوطن. يجيء التحيف إبراهيم طالع معنى حقيقياً للوجدان الملتصق ببيئته؛ ليشد ذاكرتنا لأصوات منسية وقصص عتيقة روتها الجدات الغائبات في عشيات القرى النائية، أو تداولها الناس في ثنايا حكاياتهم اليومية. ويشدو الأتحف أحمد عسيري المثقل بفتنة القول وفخامة العبارة وهو يتسنبل بالحب حتى يورق مخضرّاً في يوم الوطن. وقيمة المسامرة أنها أتت في وقتها المناسب تماماً وفي أجواء التأسيس، إذ يحتفي الوطن بجذوره وتراثه برغبة جادة في توسيع مكانة التراث والثقافة في حياتنا.