عاش المجتمع لعقود فترة الصحوة. كان المجتمع فيها تحت سيطرتهم ونفوذهم. كان رجال الصحوة يستخدمون كل الأدوات والمنابر وإمكانات الدولة لإحكام سيطرتهم على المجتمع. في هذه الفترة جردت المرأة من حقوقها وإنسانيتها. أصبحت حياتها في سجن كبير. ليس لها حق الحركة إلا بمحرم وذهبوا إلى «أن سفرها دون محرم لا يجوز، لا في الطائرة، ولا في السيارات، ولا في القطارات، ولا غيرها، وأما خروجها العادي من بيتها إلى المدرسة، أو إلى السوق، أو إلى كذا، أو إلى كذا، فكذلك لا يجوز أن تكون وحدها مع أجنبي». يعني أنه قد حكم عليها بالوأد حية، أو بمعنى آخر الحكم عليها بالدفن وهي تتنفس بين جدران بيوت محارمها. لم يعوز أو ينقص أهل الصحوة الظلامية الوسائل والطرق والأساليب لتبرير جريمتهم في حق الإنسانية. فقد نجحوا في إغلاق العقول، واستخدموا الدين في غير موضعه، والتخويف والتهويل وكراهية الدنيا التي جعلها الله زينة وبهجة. وخلطوا على الناس وفسروا القرآن بمفاهيم ضيقة مخالفة لما كان عليه السلف الصالح من حياة طبيعية يجهلها كثير من المختصين، فمن باب أولى أن يجهلها أغلب الناس. لقد منعوا كل كتاب يخالف ما يقولونه. حتى لو كان من أمهات الكتب المعروفة. وحذفوا من كتب الشعر ما لا يتوافق مع هواهم ورغباتهم. كان لأهل الصحوة ومن هم في ركابهم من إخوان مسلمين وغيرهم هدف واحد هو السيطرة على المجتمع وعلى الاقتصاد وحركة الحياة. خططوا وسعوا على زعزعة الاستقرار. وتواصلوا مع السفارات الأجنبية ضد بلادهم وأوطانهم. لم يؤمنوا بالوطن ووقفوا عقبة ضد التنمية والرخاء والاقتصاد. رفعوا شعار الديموقراطية للوصول لسدة الحكم من أجل أن يخطفوا الوطن بعد أن خطفوا المجتمع، وغيبوه وشغلوه في قضايا تافهة. جعلوا المجتمع يعيش في الماضي ليفصلوه عن حاضره ومستقبله. لقد ساد الفساد في كل مرفق سيطروا عليه. تجربتنا مع الصحوة والإخوان المسلمين تجربة قاسية شديدة الظلامية، أخذت مجتمعاتنا إلى التخلف والطائفية والمذهبية. تجربة فقد فيها المجتمع عقله إلا من رحم ربنا. كل يفتى مردداً ما بثه ونشره رجال الصحوة. فساد الظلم والفساد في البيوت. واستبدلت الأخلاق بالمظاهر. في هذا التجربة رأينا ما حلّ بالتعليم من تخلف حتى أصبح يفرز الجهل وينتج الجهلاء. دكاترة ومهندسون واجهات لفكر ظلامي استبدلوا عقلهم بشيوخ الفكر الظلامي، يمشون خلفهم كالقطيع، حيث تمت برمجتهم ليرددوا ما قيل لهم وما لقنوه من أقوال وأحكام ومفاهيم. تجربة فترة الصحوة جعلت من المجتمع يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة. وأن غيره على خطأ. وأن جميع البشر في النار. وهم لوحدهم في الجنة. فتحجرت العقول وتوقف الفكر وساد النقل والتقليد. تجربة ما زالت تلوث فكر البعض. حيث جعلته لا يرى إلا رأيه الذي لقنه وتعلمه على يد رجال الصحوة. كأنه هو الذي يخاف الله وحده وهو حارس الدين والغيور عليه. لقد نجحت تجربة فترة الصحوة في جعل اتباعهم يرون أنهم وحدهم على صواب، وصنعت منهم أبواقاً جوفاء تردد أقوال أهل الصحوة الظلامية. تجربة مازال أثرها على البعض؛ لأنها تجربة عصفت بكثير ممن عاصروها. تجربة أفقدت مجتمعاتنا العقل وقيدت الفكر. وأبدلته بالاتباع والتقليد. وأرجعته لعصور السبات العميق. تجربة اعتقدت أنها تملك الحقيقة المطلقة والصواب الكامل. واستبعدت الشك والنظر والتأمل والفكر واستبدلته بسياسة القطيع والأتباع والتقليد. إنها دعوة لعودة الفكر والتخلص من آثار هذه التجربة السرطانية المميتة للعقل والفكر والحياة. دعوة لليقظة واللحاق بركب المستقبل.