شهدت الأيام الأربعة الماضية حراكاً واسعاً في بغداد، استخدمت فيه مختلف الأطراف طرقا قضائية وسياسية عديدة، لعرقلة انعقاد جلسة التصويت على رئيس الجمهورية التي كانت مقررة (الإثنين) الماضي، حيث جرى التوافق مبدئيا على تسمية وزير الخارجية السابق والقيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني هوشيار زيباري رئيسا للبلاد، لكن المحكمة الاتحادية العليا أعاقت إجراءات ترشيحه بسبب طعن قضائي قدمته أطراف سياسية مناوئة يتعلق بملفات خلال تولية حقيبة الخارجية 2004 و2014. لكن البرلمان العراقي فتح مجددا باب الترشيح لمنصب الرئيس لمدة ثلاثة أيام بدءا من (الأربعاء) الماضي، إلا أن ما يدور في كواليس الأحداث لا يتشابه مع ما ينشر عبر الإعلام، ففي معلومات خاصة حصلت عليها «عكاظ»، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس متمسكا بترشيح هوشيار زيباري للرئاسة بقدر ما يبحث عن رد الاعتبار له، إثر إقالته عندما كان يشغل منصب وزير المالية، وأن تصدر المحكمة الاتحادية قرارها بتبرئته من كل التهم التي وجهت له في حينها، وأن الأمور تسير باتجاه تسمية (خ. ك)؛ وهو شخصية كردية من مدينة خانقين يشغل منصبا أمنيا رفيعا في السليمانية، ليكون هو البديل عن برهم صالح رئيس الجمهورية الحالي، وهذا ما سيتم الاتفاق عليه خلال الاجتماع المرتقب الذي سيعقد بين مسعود بارزاني وبافل طالباني. وفي الحنانة بمحافظة النجف التي شهدت لقاء من نوع آخر بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقائد فيلق الحرس في الحرس الثوري إسماعيل قاآني اتسم بالهدوء ولم تتخلله أية تهديدات علنية أو مبطنة، وكأنما ايران سلمت بالأمر الواقع، أو بعبارة أخرى بدأت ترى في التغييرات والإصلاحات المتوقعة في العراق فائدة لها أيضاً، بعيداً عن الصدامات أو الفوضى التي قد تعود عليها بالضرر. اللقاء نقل خلاله قاآني رسالة خاصة من المرشد الإيراني علي خامنئي يطالب فيها الصدر بلملمة البيت الشيعي، وأبدى الصدر استعداده لذلك مع تمسكه برفض أن يكون رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ضمن هذا الاندماج، وهذا ما سيكون عليه الحال، إذ ستلتحق أطراف من الإطار التنسيقي المظلة الجامعة للمعسكر الايراني في العراق بالتيار الصدري في الأيام القادمة بعد التفاهم الذي حصل عما سيتحصلون عليه من وزارات. الصدر وقاآني ناقشا خلال اجتماعهما في الحنانة البحث عن تطمينات ألا تمنح الحكومة القادمة الموافقة على ضرب المفاعل النووية الإيرانية من خلال الأراضي العراقية، وهذا ما تعهد له الصدر وأعطى التطمينات اللازمة للإيرانيين. واللافت أن زعيم التيار الصدري ترك لشركائه في البيتين السني والكردي حرية اختيار الاسم الذي يرونه سواء لمنصب رئيس مجلس النواب أو رئيس الجمهورية، إذ يسعى هو أيضاً أن يحدد بنفسه ويعلن من سيكون رئيس الوزراء القادم الذي يراه مناسباً لتنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي وعد به الشعب العراقي، والذي يتوقع أن يكون شخصية لديها برنامج اقتصادي إصلاحي تتسلم المنصب للمرة الأولى، وأن يتحمل الصدر وحده المسؤولية عن هذا الاختيار.