منذ ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق، وتأكد القوى المنضوية ضمن ما يعرف ب«الإطار التنسيقي»، الذي بات يمثل المظلة الجامعة للمليشيات الموالية لطهران من خسارتهم الكبيرة أمام الخصم التقليدي (التيار الصدري) لم يتوانوا عن أي فعل من أجل محاولة إلغاء نتائجها ابتداء من إطلاق الاتهامات بأن العملية الانتخابية زورت بإرادات خارجية مرورا بالتحشيد أمام المنطقة الخضراء وما جرى خلالها من محاولات عديدة لاقتحامها وصولا إلى محاولة اغتيال رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، لكن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل. وانتهى تعويلهم على إلغاء نتائج الانتخابات عندما جاء قرار المحكمة الاتحادية العليا برد دعواهم وتحميلهم المصاريف والمصادقة على النتائج. ومع فشل جهود الوفد الإيراني الذي زار بغداد محاولة حلحلة الخلافات بين قطبي البيت الشيعي قبيل انعقاد الجلسة الأولى وتمسك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بموقفه وأنه مستعد للتحالف مع كل أطراف الإطار التنسيقي باستثناء نوري المالكي، إلا أن القوى الخاسرة تخشى أن يكون استبعاد المالكي مقدمة لعزل بقية الأطراف وجعلهم يرفضون هذا العرض، إذ إنه مثلما للمالكي ملفات تستحق المحاسبة أثناء ترؤسه للحكومة العراقية من 2006 إلى 2014 تمثلت بعمليات هدر واختلاس وسرقة مليارات الدولارات وجرائم وانتهاكات حقوقية وإنسانية بدوافع طائفية، وسيطرة داعش على 3 محافظات عراقية، فهناك أيضا اتهامات بفساد وجرائم ضد الإنسانية متهم بها قيادات الإطار التنسيقي ويخشون أن تفتح ملفاتهم لاحقا. ثم جاء موعد انعقاد الجلسة الأولى لأداء اليمين الدستورية وانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، إذ عمد الخاسرون إلى عرقلة انتخابهم من خلال مسرحية الاعتداء بطلها رئيس الجلسة الأكبر سنا لكنهم فشلوا في عرقلتها، وتم تكليف رئيس سن آخر بإدارة الجلسة إلى أن تم انتخاب رئيس مجلس النواب مع نائبيه وصوت لهم أكثر من 200 نائب في جلسة انسحب منها نواب الإطار التنسيقي، ما أعطى انطباعا بأن هناك تحالفا صدريا وبعض المستقلين مع البيتين السني والكردي يمضي باتجاه تشكيل حكومة أغلبية وطنية وليست حكومة أغلبية سياسية مثلما يريدها الإطار التنسيقي. من هنا بدأت تخرج أصوات مليشياوية وطائفية تتهم البيتين السياسيين (السني والكردي) بما تعتبره أو تصفه ب (الخيانة) والتسبب ب (شق وحدة صف البيت الشيعي) ملوحة بما تسميه (أياما عصيبة ستمر على العراق يكون الجميع فيها خاسرا). واقعيا، العراق بات يعيش أصعب وأخطر فترة تمر عليه نتيجة الخلافات والانقسامات والتي بدأ يرى الإطار التنسيقي أن خساراته أصبحت مستمرة ولابد من إيقافها مهما كلف الثمن، حتى وإن كان الحفاظ على الحد الأدنى منه، لذا هناك خشية من أن يستغل داعش مسرح كسر الإرادات بين التيار الصدري والإطار التنسيقي بأن تنسحب بعض الأطراف المرتبطة بالحشد الشعبي من بعض المناطق التي تسيطر عليها ما يعطي فرصة كبيرة للتنظيم الإرهابي ليستغل هذا الصراع ويوظفه لصالحه، عندها سنكون أمام سيناريو مشابه لما جرى في يونيو 2014، أو استخدام ورقة سجن الحوت بطريقة تشابه طريقة سجن أبو غريب خصوصا أنه يحوي الآلاف من قيادات ومقاتلي داعش.