نجاح كبير للدبلوماسية السعودية المعتمدة على الهدوء والتحضير المسبق للقاءات وصنع القرارات الكبرى في منطقة شديدة الحساسية وعالية المخاطر. وجاءت جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على عواصم الخليج العربي والاحتفاء الكبير بحضوره المتألق من قادة وزعماء دول المجلس، يجسد عظمة الدور الذي تضطلع به بلادنا في تعزيز دور المجلس في مجابهة التحديات. ليست مبالغة إذا ما قلت إن هناك تشابها نوعيا في الظروف التي شهدها ميلاد مجلس التعاون الخليجي في 1981، ونيران الحرب العراقية الإيرانية مستعرة، وتهديدات الخميني بتصدير ثورته، واليوم نفس الظروف يعاد إنتاجها في الإقليم، فهنالك إيران الطامحة إلى بلوغ العتبة النووية وسط سيل من تهديدات مضادة لها من طرف إسرائيل والغرب. وهناك توغل إيراني في أربعة أقطار عربية وسلة متنوعة من مليشيات تحمل أسماء مختلفة والعنوان واحد، كلها تهدف إلى خدمة المشروع الإيراني في ضرب الأمن القومي العربي، وإنهاك أمتنا في نزاعات إثنية ومذهبية. كل ذلك يتطلب وحدة البيت الخليجي وتعزيز منظومة التكامل الاقتصادي، وهو ما أكد عليه مؤخراً بيان قمة الرياض الختامي لقادة مجلس التعاون الخليجي ال42، بأن أي اعتداء على أي بلد عضو في المجلس هو بمثابة اعتداء على كل الأعضاء، إضافة إلى الشروع باستكمال مهمة التكامل الاقتصادي ودعم الشباب وتعزيز دور المرأة. خليجنا واحد، وأمننا واحد، وأملنا واحد، ولا بد من تضافر الجهود مع رئاسة القمة ومتابعة ولي العهد نحو القوة والوحدة والحرص على تمكين هذا المنتظم من أداء دوره بشفافية ومشاركة شعبية تؤكد لحمتنا وانتماءنا لمصير واحد، فالعزيمة التي شاهدناها في قوة خطاب ولي العهد تستمد قوتها من قوة الله وعزمه، ثم صلابتها من صلابة جبل طويق، جبل لا تزحزحه أي قوة إلا قوة الله.