يبدو أنه ليس ثمة مناصٌ من أن يَقبل العالم ضرورة الحصول على جرعة تنشيطية ثالثة من لقاحات كورونا، لضمان قدر معقول من التحصين ضد متحورة أوميكرون، التي تروّع المعمورة. فقد ثبت علمياً أن أوميكرون تتسبب في فقد الأجسام المضادة التحييدية بما يراوح بين 25 و40 ضعفاً، بعد الحصول على جرعتي لقاح فايزر-بيونتك؛ ثاني أكثر اللقاحات شيوعاً في الاستخدام بعد لقاح ساينوفاك الصيني. وقال مبتكر لقاح فايزر الرئيس التنفيذي لشركة بيونتك الدكتور أوغور شاهين الأسبوع الماضي إن لقاح فايزر، القائم على تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي mRNA، يجب أن يكون من ثلاث جرعات ليستطيع مقاومة أوميكرون؛ على أن تعطى الجرعة الثالثة بعد ثلاثة أشهر من الحصول على الثانية. وذكرت بلومبيرغ أمس أن الهرع صوب الجرعة الثالثة أثار تساؤلات مهمة في أوساط العلماء: هي أفضل إستراتيجية لمواجهة أوميكرون؟ وحذر علماء من أنه لم يثبت علمياً بعد ما إذا كان تقصير الفاصل الزمني بين الجرعتين الثانية والثالثة، بدلاً من الستة الأشهر الحالية بين الجرعتين الأولى والثانية، سيؤدي إلى مناعة أكبر ضد أوميكرون. وزاد الأمر تعقيداً ما توصل إليه علماء أخيراً من أنه كلما طال الزمن قبل الجرعة التنشيطية الثالثة زادت قوة المناعة، خصوصاً للقاحات القائمة على استخدام جزء من فايروس نافق، كلقاح ساينوفاك الصيني، الذي استخدمت منه أكثر من 2.3 مليار جرعة حول العالم. وذكرت دراسة نشرتها مجلة «لانسيت» الطبية الأسبوع الماضي أن لقاح ساينوفاك لم يفعل شيئاً لزيادة الحصانة بالنسبة لمن حصلوا على جرعته التعزيزية الثالثة بعد شهرين من حصولهم على الثانية. غير أن من حصلوا على تنشيطيته الثالثة بعد 8 شهور من حصولهم على الثانية تعززت مناعتهم بدرجة كبيرة. وأعلنت كوريا الجنوبية (الجمعة)، التي تعد الدولة الأكثر تطعيماً لسكانها في القارة الآسيوية، أنها قررت خفض الفاصل الزمني بين الجرعتين الثانية والثالثة إلى 3 أشهر فحسب؛ فيما تعهد رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون نهاية الأسبوع بخفض الفترة إلى نصفها (3 أشهر) اعتباراً من الأسبوع الحالي. على صعيد متصل؛ ذكرت أبحاث جديدة أن الجرعات التنشيطية للقاحات قادرة على تقليص احتمالات وفاة المريض المحصن بالكامل، بنسبة تصل إلى 90%. وأجريت هذه الدراسة أثناء هيمنة متحورة دلتا على الأزمة الصحية، وقبل ظهور أوميكرون. ومن الأخبار المثيرة للقلق، تصريح الرئيس التنفيذي لشركة فايزر الأمريكية ألبرت بورلا أمس الأول ب «إننا سنحتاج إلى جرعة رابعة. لقد قلت ذلك مراراً. مع السلالات السابقة توقعت أننا سنكون بحاجة إلى الجرعة الرابعة بعد 12 شهراً من الحصول على الثالثة. ولكن بعد ظهور أوميكرون علينا أن نتريث لنرى؛ لأننا لا نملك سوى معلومات ضئيلة. وقد يتضح أننا يمكن أن نكون بحاجة إلى الجرعة الرابعة في زمن أقل مما توقعته».