تطورات محورية شهدتها أفغانستان خلال ال24 ساعة الماضية، تمحورت في استعادة طالبان ولاية بنجشير، تزامنا مع اتفاق قادة حركة طالبان على أمير أفغانستان وهو الملا هبة الله، ورئيس الحكومة الملا برادر. استراتيجياً، يعتبر بسط سيطرة طالبان على ولاية بنجشير وهي المنطقة الجبلية الوعرة، والوادي الاستراتيجي الوحيد الذي كان خارج سيطرة حركة طالبان، ذا أهمية جيو- استراتيجية كون وادي بنجشير تاريخيا كان معقلا لأسد بنجشير القائد الطاجيكي أحمد شاه مسعود منذ عقود، ولم تستطع السيطرة عليه لا قوات الاتحاد السوفييتي (آنذاك) ولا قوات حركة طالبان.. إلا أن إحكام طالبان على ولاية بنجشير لا يعني بسط الحركة سيطرتها على كامل الأرض الأفغانية فحسب، بل إنهاء أي دعم من دول الجوار المعادية لطالبان في تلك المنطقة وإنهاء سلاسل الإمدادات العسكرية لقوات مسعود التي ينتمي معظمها إلى الطاجيك.. إلا أن مصادر «عكاظ» تشير إلى أن حرب جبال وادي بنجشير حسمت كون قوات مسعود تقهقرت تكتيكيا لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة المعروفة تاريخياً كحصن للتمرد ضد الحكومات الأفغانية المتعاقبة، خصوصاً حين تكون القوة الحاكمة في كابول من الأغلبية البشتونية، كون هناك حربا قديمة بين قبائل البشتون والطاجيك حيث يعتبر الباشتون ما حدث هزيمة كبرى للطاجيك وهم من تحالف الشمال الذين قادوا حروبا متعددة ضد طالبان، وتحديدا في مرحلة ما بعد أحداث سبتمبر وساهموا في الإطاحة بطالبان عام 2001، خصوصا أن الجبهة الوطنية للمقاومة التي يرأسها مسعود أعلنت أن المعركة ضد طالبان في وادي بنجشير «ستستمر» وأنها تسيطر على «مواقع استراتيجية» فيه. وعلمت «عكاظ» من مصادرها أن أحمد شاه مسعود (الابن) لجأ إلى طاجيكستان التي غادرها فجر أمس، حيث يتواجد القائد عبدالرشيد دوستم، إضافة إلى نائب الرئيس السابق أمر الله الذي لجأ أيضا إلى طاجيكستان. سياسياً، أكدت مصادر أفغانية أن الحركة في المراحل الأخيرة من إعلان حكومة جديدة تضم جميع أعضاء مجلس الشورى الحالي. وسيرأس الملا هبة الله أخوند أمير حركة طالبان والقائد العام كأمير طالبان، فيما سيرأس الملا عبدالغني برادر، وهو واحد من ثلاثة نواب لأخوند زاده والوجه المعتدل لطالبان، كرئيس للحكومة الموسعة. وستضم الحكومة وجوها جديدة من جميع القبائل وجماعات الأقلية.وأعربت الحركة مرارا عن نيتها تشكيل «حكومة جامعة»، وتعهدت بأن تكون أكثر مرونة تجاه النساء مما كانت عليه خلال فترة حكمها السابق الذي عانين فيه من قسوة كبيرة. وترى الأسرة الدولية أن وفاء الحركة بهذا التعهد سيشكل مؤشرا أول لتقييم الثقة بها.