استطاعت جائحة «كورونا» أن تغير العديد من التوازنات، اقتصادية أو سياسية لتظهر وجوهاً خفية لفاعلين دوليين، وانعكست على العامين الماضيين بشكل كبير، وأعطت دروساً كثيرة، إضافة إلى التغيرات السياسية والاقتصادية في المواقف والحسابات في ظل قدوم إدارة أمريكية جديدة لها حساباتها المختلفة عن سابقتها في تغيير الأهداف الإستراتيجية والعسكرية في العديد من بقاع العالم، وزيادة نجاح الصين وروسيا بتوسيع ساحات المواجهة الاقتصادية والسياسية بينها وبين الولاياتالمتحدة، ودخول دول كالهند وغيرها ضمن تلك المعتركات. ولعل كم التشوش حيال العديد من القضايا ومناطق الصراعات في الشرق الأوسط وضع العديد من علامات الاستفهام حول القادم ومن سيحل مكان من، في ظل تلك الصراعات المحتدمة، إذ نشهد صراعات من نوع آخر، وهي صراعات الماء، التي تنبئ بحروب من نوع آخر تضاف للحروب السيبرانية والبيولوجية كما يحصل الآن بين مصر وإثيوبيا والسودان، وقد يمتد مستقبلاً لتركيا والعراق وسورية، ليفتح جبهات صراع جديدة من أجل البقاء. قد يكون خلف هذه الصراعات قوى دولية تحرك المشهد من خلف الكواليس وانحسار الدور التركي وتقزمه، مما يدل على تقوقع «أردوغان» أمام الوضع الاقتصادي في بلده، ورغبته بالهروب إلى الإمام ولعب أدوار بطولية، كما يحصل في ليبيا ومع اليونان، وانهزامية كما في علاقاته مع مصر، في ظل انحسار الدعم الإخواني وخفوت توهج تلك الجماعة مع آخر ضربة لها في تونس وإقصائها من المشهد السياسي وتحجيمها بعد الدور الكبير التي لعبته في تونس، وكم الفساد الذي أخذ ينخر في مؤسسات الدولة، وهو ليس ببعيد عن ما يفعله «حزب الله» في لبنان بدعم قوي من نظام طهران، وكم التعطيل للحياة وللاقتصاد ورهن ذلك بأجندات خارجية تملى عليهم من طهران في مقابل ضياع منطق الدولة، وسيطرة الفكر المليشياوي الجديد في مقابل تفكك الدولة وأركانها، وهو نفس حال اليمنيين وارتهان الحوثيين لطهران، وإطالة أمد تلك الحرب، وإفشال كل المبادرات الدولية التي قدمتها المملكة، وانسحاب القوات الأمريكية بكل هدوء من أفغانستان وتسليم الدولة لحركة طالبان التي تسلمت الدولة، في ظل الخسائر البشرية والمادية التي أفرزتها تلك الحرب التي بلغت تريليون دولار، وأكثر من 2300 جندي أمريكي و450 قتيلاً من قوات «الناتو»، والمواجهة الأمريكية الروسية من خلال حلف «الناتو» وعدم الرغبة الروسية بضم أوكرانيا لهذا الحلف، مما يشكل تهديداً لروسيا ومخاوف من حروب أوروبية قادمة. أخيراً.. لابد من وجود العديد من الأدوار ستلعبها العديد من الدول في ظل التوازنات الدولية القادمة بشكل مؤثر ومختلف جداً.