1 انكسارُ زرٍّ في قميصِها المحشوِّ بالهديلْ. مسوّغٌ كافٍ لأنْ تطيرَ عاليًا، حمامتانِ بضّتانِ في صباحنا الجميلْ. 2 ....وهذا غناءُ البلابلِ أبصرهُ جيدًا، وهو يحملُ عطرَكِ، يحملُ وردَكِ، يحملُكِ الآنَ صوبَ الوظيفةِ راضيةً عن ندوبِ الفؤادِ، عنِ الحزنِ في أولِ السطرِ، أو آخر الدمع، عمّا تقولُ الزميلاتُ حين تغيبين، أوتضحكينْ.. وعن غيمةٍ كنتِ خبّأتِها في مرايا الجبينْ. وعن سطوة الياسمين. وعما يقول لك العطر. ... 3 أنت في قاربي مذ عرفتك يا حلوتي المذهلة. ها نحن نمضي معًا كالنجوم. تحت سقف السماء القريبة، تحت الغيوم.. يدي في يدك، فوق كتفك، في حقلك الغض، فوق بساتينك المثقلة. 4 ألهو طويلًا في مدى عينيك، في حدائق السنا. طوبى لنورسٍ سعيدٍ اسمه أنا.. 5 القصائد منحوتة من دمي من أغاني فمي. من رياح، من هديل الصباح.. من مخاوف أهلي المقيمين في الزرقة الشاسعة. من مواويل أمي «العقيلية» الدامعة. من نواح. من حفيف الجناح. من غيوم الجنوب الكثيفة صيفا، ومن مطر موسمي. القصائد منحوتة من دمي. 6 في صوتِها الذي يمرُّ مُرْهَقًا هناكَ قربَ بابِنا النحيلْ. أبصرْتُ غيمًا لاهثًا يئنُّ، ليلًا دامعًا يسيلْ. 7 إن هذي الحياة مخاتلة ماكرة. ما الذي سوف تهدي لنا؟ غير ذعر العصافير في القلب، سرب الجنازات مرفوعة فوق أكتافنا دمعنا والنواح وأحزاننا السافرة. 8 مرت كأن حديقة تمشي هنالك قرب بيتي. ليس ثم مظلة، ما من غموض، وهي تبتكر الحياة، سعيدة، تحت المطر. مرت، فأمعنت النسائم في توددها، وغرد في فمي العصفور. وما ترك الحمام من الهديل الغض فوق السور. وارتبك الحجر. ومضى يميل، محبة، سرب الشجر. 9 تلك أمي إذن. قبرُها جنّةٌ.. هكذا قالَ لي عشبُ هذا الطريقِ المؤدّي إلى قبرِها. وإنّي أتوقُ لأبكي طويلًا على صدرِها. 10 تبوحُ لمنْ، سيدي المجتبى؟ تبوحُ لمنْ، أيّهذا الشجرْ؟ وما منْ ندامى يشفّونَ كالورد، ما من مطرْ.. يحلّقُ في غيمِنا كالنبيِّ، ويتلو علينا قصارَ السُّوَرْ.. 11 .. وتلك حبيبتي هبطت حديقتها مساء مثلما الأقمار. وثمة غيمة تغفو على يدها، وتعبق مثلما الأزهار. هنيئًا يا شمال القلب، هنيئًا يا مرايا الليل، هنيئًا للحديقة بالتي هبطت مساء تؤنس الأشجار. 12 في عزلة كهذه، كيف سيمضي الوقت هذا الفاتر، الثقيل كالجبال؟ وما الذي يجديك نفعا أيها الضرير في شوارع الخيال؟ وما الذي يقال، ما الذي يقال، ما الذي يقال؟ إذا ضحكت دونما سبب؟ وما العجب؟ إذا وجدت ظلًا غارقًا في الحزن والدموع ودونما شموع، يرثي طويلًا أهله الظلال.