حين تقلّب صحف لندن، القومي والشعبي منها، يغمرك شعور بأن الحرب على وباء كوفيد-19 هي حرب بريطانية بامتياز. كأنها لا توجد في غير الساحات البريطانية! تجتهد حكومة حزب المحافظين، بزعامة رئيس الوزراء بوريس جونسون في تجهيز العدة والعتاد، وهي مطالبة في الوقت نفسه بضمان تقديم الخدمات الأخرى من دون نقصان. وإذا رأت الصحف، خصوصاً المعلقين ذوي الميول العمالية؛ أي هفوة صغيرة في أداء الحكومة على الجبهة الصحية، فالويل للحكومة من الحملات التي تُشن عليها. وتلك الحملات هي القوت الذي تعتاش منه صحف كل يوم! بيد أن ذلك لا يلغي الحقيقة المتمثلة في أن الوضع الصحي الوبائي في بريطانيا ليس على ما يرام، مهما يكن شأن الجهود الحكومية لدحر الجائحة. فمع فتح باب التطعيم لمن هم دون ال 20 عاماً؛ وحتى لمن بلغوا 16-17 عاماً اعتباراً من أمس (الإثنين)؛ ارتفعت الإصابات الجديدة بالسلالة الهندية (دلتا) بنحو ربع ما كانت عليه الأسبوع الماضي، ورافق ذلك وقوع ست وفيات بالوباء. وحذر أحد علماء اللجنة العلمية التي تستشيرها الحكومة أمس من أن «شتاء بائساً» قد يكون في الطريق. وقالت وزارة الصحة أمس إنها سجلت 9284 إصابة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بارتفاع نسبته 24% عن متوسط إصابات الأسبوع الماضي، وهو 7490 حالة جديدة. وفي الأثناء؛ أظهرت الأرقام الرسمية أمس أنه تم حتى 19 يونيو الجاري إعطاء 73.77 مليون جرعة لقاح، منها 42.93 مليون جرعة أولى، و31.34 مليون جرعة ثانية. غير أن عضو اللجنة الاستشارية العلمية الحكومية البروفيسور كالوم سيمبل حذر من احتمال فرض الإغلاق خلال الشتاء القادم؛ بسبب هجمات مرتقبة من فايروسات تنفسية جديدة. لكنه قال إن انتهاء الشتاء، وانحسار هجمة الفايروسات التنفسية سيعنيان عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها. وأوضح أن تلك الهجمة أمر طبيعي عقب كل وباء عالمي، خصوصاً أن النساء الحوامل ومواليدهن لم يتعرضوا لفايروس الوباء العالمي. ووصف ما يتوقعه بأنه سيكون «شتاء موجة رابعة». وقال البروفيسور سيمبل إن بريطانيا ستشهد موجة من التهاب الشعب الهوائية، والالتهابات الرئوية لدى الأطفال، والتهابات عدد من الفايروسات التنفسية التي لا توجد لقاحات مضادة لها. وعضدت تلك المخاوف الخدمة الصحية لإنجلترا، التي أعلنت مديرة سياساتها الإستراتيجية الدكتورة سوزان هوبكنز أمس أن السلطات قد تضطر إلى فرض إغلاق رابع خلال الشتاء، من جراء ارتفاع في الإصابات بفايروس كورونا الجديد خلال نهاية السنة الحالية. وأضافت أن تلك الموجة قد تؤدي الى استنفاد الطاقة الاستيعابية للمستشفيات. وأعربت عن أملها في أن يتمكن خبراء الصحة الإنجليز من مواكبة الطفرة المرتقبة بتكثيف عمليات التطعيم، وتوزيع الأدوية الجديدة المضادة للفايروسات، وتكثيف الفحوص. وحذر المدير الإقليمي للخدمة الصحية لإنجلترا في لندن البروفيسور كيفن فنتون، في مقابلة مع إذاعة «إل بي سي» أمس، من أن لندن تواجه احتمال أن تدهمها موجة وبائية ثالثة؛ ما يحتم على سكانها ضرورة الالتزام بالاشتراطات الوقائية. وأضاف أنه ليس من الممكن عملياً تطعيم جميع من هم فوق سن ال 30 عاما في لندن بالجرعة الثانية من اللقاحات بحلول 19 يوليو، وهو الموعد الجديد لإلغاء تدابير الإغلاق. وزاد أنه لذلك يتعين على اللندنيين التمسك بغسل اليدين، والوجه، والتباعد الجسدي، وتهوية الأماكن، والوقاية.