لأن الافتقار للوعي بالذات والوعي النقدي والتكريس الواعي الجوهري الفكري لمنظومة صحيحة من المثاليات العليا الربانية هو الحال السائد بالبشر، لهذا يحتاجون للقوانين التي تنص على عقوبات على ما يخالف المثاليات العليا لكي يتقولب سلوكهم على الامتناع عن الأنماط السلوكية السيئة خوفا من العقوبات، ولهذا كل نمط سيئ لا عقوبة عليه مهما تم التحذير منه يستخف الناس بخرق المثاليات العليا المتعلقة به، ولذا العنف الأسري لم يتراجع بالغرب إلا بسن عقوبات رادعة عليه، والشيخ عائض القرني بمقاله «صحيفة الشرق الأوسط- 11/مايو/2010» عن العنف الأسري طالب بفرض عقوبات رادعة عليه «والله لقد فعلها عمر بن الخطاب.. مع امرأة مظلومة؛ إذ ذهب بسيفه إلى بيت زوجها وأخذ المرأة وأنقذها وأدب الرجل تأديباً بالغاً». لكن الذي يمنع سن عقوبات على العنف الأسري بالمجتمعات المسلمة هو عدم تفسير آية (واهجروهن في المضاجع واضربوهن) بالشكل الصحيح الذي قال به عدد من الفقهاء، الذين فسروا الضرب بالآية من واقع معنى الضرب بالقرآن بأنه اعتزال المكان/ البيت؛ (أفنضرب عنكم الذكر) (فضرب بينهم بسور) ويقوي هذا التفسير السنة العملية للنبي؛ فلما غضب النبي من زوجاته لم يضربهن انما اعتزلهن، وفي الصحيح عن السيدة عائشة أن النبي لم يضرب قط امرأة ولا طفلا، وممن قالوا بهذا التفسير؛ الشيخ د. عمر عبدالكافي مدير مركز الدّراسات القرآنية لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، د. عبدالحميد أبوسليمان رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي، د.سهيلة زين العابدين وهي ابنة إمام وخطيب المسجد النبوي، وهو التفسير الذي اعتمده تفسير القرآن الإنجليزي المعنون «The Sublime Quran» 2006. وروي بالصحيح «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا» مسلم. «أشد الناس عذابا يوم القيامة أشدهم عذابا للناس في الدنيا» أحمد، والبخاري بالتاريخ. لاحظ أن الأحاديث لم تنص على أن التعذيب أي الضرب والتعنيف تكون عليه عقوبة بالآخرة فقط عندما يقع على رجل مسلم إنما قال «الناس» وبالعربية الناس تشمل الرجال والنساء والمسلمين وغير المسلمين، وبالخبرات التي سجلها الأطباء الغربيون للمرضى الذي ماتوا مؤقتا قبل انعاشهم قالوا إنهم رأوا أعمالهم متجسدة ومن كان يمارس العنف الأسري يجد تجسدات شياطين ووحوش تعذبه هي تجسدات كل مرة ضرب وعنف فيها زوجته وأولاده ماديا ومعنويا ومن هؤلاء الأطباء؛Sam Parnia, Raymond Moody, Pim van Lommel, Melvin Morse,Bruce Greyson, Kenneth Ring, Michael Sabom, Jeffrey Long, Peter Fenwick, Elisabeth Kübler-Ross ويسمونها «Near death experience/NDE-خبرة القرب من الموت» وشهاداتهم توافق ما ورد بالحديث النبوي؛ (..ويأتيه-برواية: يمثل له-رجل حسن الوجه حسن الثياب، طيب الريح.. فيقول:..من أنت؟ فوجهك الذي يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح) أبوداود وأحمد والبيهقي. و(..يأتيه-برواية: ويمثل له-رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح،.. فيقول: من أنت؟ فوجهك الذي يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث.. ثم يقيض الله له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة، لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده كما كان، فيضربه ضربة أخرى) أبوداود، وأحمد.