في الخواتيم المباركة من الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، أعلن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، «حفظهما الله»، تبرعهما بأعضائهما عبر المنصة الإلكترونية التي خصصها المركز السعودي للتبرع بالأعضاء، في بادرة إنسانية فريدة «لا تحدث إلا في وطن العطاء.. المملكة العربية السعودية»، وجميعنا يدرك مدى أهمية هذه البادرة الملكية الكريمة وأهدافها الوطنية والصحية والاجتماعية والإنسانية، وعظمة فوائدها على الفرد والأسرة والمجتمع سواء على المدى القريب أو البعيد. وبعد هذه المبادرة الكريمة التي شجعت الكثير من أفراد المجتمع بمختلف شرائحه على التسجيل في المنصة وإعلان تبرعهم بأعضائهم، لاحظت أن الكثير من الناس الذين أعرفهم وأجالسهم على تنوع واختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم التعليمية لا يعرفون عن التبرع بالأعضاء إلا القليل من المعلومات وبعضها ليست صحيحة بكل أسف، ولا ألومهم على ذلك، فالتقصير ليس منهم بقدر ما هو من المركز السعودي لزراعة الأعضاء بالدرجة الأولى ومنا كمتخصصين في التوعية والتثقيف الصحي بالدرجة الثانية. لذلك وجدت أنه من الواجب عليّ أن أسلط الضوء على بعض النقاط المهمة في التبرع بالأعضاء ومدى أهميتها وقيمتها الإنسانية النبيلة لنا جميعاً من جميع النواحي، ولو أخذناها من الناحية الدينية سنجد الدليل والمرشد لنا في قوله تعالى في محكم كتابه (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). وكذلك قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان). أما الفوائد الاجتماعية والإنسانية للتبرع بالأعضاء فهي كثيرة ويكاد جميعنا يعرفها ولدورها في تعاضد وتعاطف المجتمع مع بعضه البعض وخصوصاً مع المرضى الذين يعانون من فشل عضو أو أكثر من أعضائهم البشرية مثل «الكبد، القلب، الكليتان، قرنيات العيون، البنكرياس» على سبيل المثال لا الحصر، وغير ذلك الكثير من الأعضاء التي يمكن للإنسان التبرع بها لإنقاذ حياة شخص آخر في أمس الحاجة لعضو أو حتى لجزء منه. وقد لا يعلم البعض منا بأن التبرع بالأعضاء أنواع متعددة، منها ما يمكن أن يتم أثناء الحياة مثل التبرع من شخص سليم بكلية واحدة لمريض الفشل الكلوي، وتبرع الشخص السليم بفص من فصوص الكبد لشخص آخر يعاني من الفشل الكبدي الناتج عن التليف الكبدي أو بغيره. وهناك أنواع أخرى من التبرع بالأعضاء لا يمكن أن تتم إلا في حالات الوفاة الدماغية للشخص، وليس الوفاة الطبيعية كما يعتقد البعض، إذ إنه في حالات الوفاة الدماغية تبقى الأعضاء البشرية في جسم الإنسان سليمة بعكس وضعها في الوفاة الطبيعية. وفي حالة الوفاة الدماغية للشخص يمكن لذويه المساهمة في إنقاذ حياة عدد لا بأس به من المرضى المنتظرين على قائمة الانتظار أملاً في الحصول على العضو البديل للعضو المريض في أجسادهم، حيث يقوم مركز التنسيق الطبي في المركز السعودي لزراعة الأعضاء بعد حصوله على موافقة المتوفى دماغياً بالتنسيق مع جميع المستشفيات والمراكز الطبية بالمملكة ممن لديهم مرضى على قائمة الانتظار، وبالتالي يستفيد أحد مرضى الفشل القلبي من زراعة قلب جديد، ومريضين من مرضى الفشل الكلوي من كليتي المتوفى، ومريض واحد أو مريضين من مرضى الفشل الكبدي من الكبد المُتبرع به، كما يستفيد مريضان من المرضى الذين يعانون من مشاكل في قرنيات العيون، وهذا ينطبق أيضاً على مرضى البنكرياس، والرئتين، وغيرهم من المرضى، وهذا يؤكد لنا مدى فائدة وأهمية التبرع بالأعضاء لفئة من المرضى من أهلنا وأفراد مجتمعنا الذين يعيشون على بصيص من الأمل لإنقاذ حياتهم. ولعّل أهم وأبرز المعلومات التي يجب علينا التركيز عليها لتعريف المجتمع بها... هي أن جميع الخطوات والإجراءات التي تتم في عمليات التبرع بالأعضاء بمختلف أنواعها لا تتم إلا عبر قنوات ولجان طبية رسمية ومتخصصة تعمل وفقاً للمعايير الطبية والشرعية والأخلاقيات الصحية والمهنية المتعارف عليها، ولا يمكن لهذه اللجان تجاوز هذه الأنظمة والقوانين المنظمة لهذه الإجراءات بأي حال من الأحوال. خاتمة: دعوة صادقة أوجهها للمسؤولين عن المركز السعودي لزراعة الأعضاء لاستغلال هذه البادرة الملكية الكريمة الاستغلال الأمثل والاستفادة منها بتكثيف برامج التوعية والتثقيف الصحي الموجه للمجتمع في هذا الجانب بما يحقق الأهداف والنتائج المرجوة منها، وإنني على يقين تام بأن المركز سيجد الدعم والعون من الجميع، ونحن مستعدون من جانبنا للتعاون مع إدارة المركز بكل إمكانياتنا لإنجاح هذا التوجه وخصوصاً بعد هذا الدعم الكبير الذي لقيه المركز من أعلى مقام في الدولة. *متخصص الإعلام والتوعية الصحية [email protected]