شرعت وزارة العدل في استطلاع حول نظام التنفيذ الجديد، وطلبت إبداء الآراء حول مواده القانونية من محامين وقضاة وأعضاء هيئة التدريس في كليات الحقوق والقانون والعموم، وقررت «العدل» الاستئناس بتجارب 9 دول للدراسة المقارنة وفقاً للمؤشرات الدولية ذات العلاقة مع مراعاة نضج التجربة ونجاحها، واختلاف النظم القانونية، على أن يكون من بين التجارب تجارب إقليمية تتشابه ظروفها مع المملكة، والدول التي وقع عليها الاختيار هي فرنسا، أستونيا، كوريا، سنغافورة، الولاياتالمتحدةالأمريكية، فنلندا، الإمارات، البحرين، والمغرب. ويحتوي مشروع النظام المرتقب العديد من التعديلات الجوهرية في قضايا الدين؛ كإلغاء الحبس التنفيذي للمتعثر عن السداد في الحقوق المالية، وإلغاء إيقاف الخدمات الحكومية، ومعاقبة الموظف العام ومن في حكمه بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات إذا منع التنفيذ أو أعاقه، واعتبار ذلك جريمة من الجرائم المخلة بالأمانة. ونصت إجراءات التنفيذ على إلغاء الحبس التنفيذي للمتعثر عن السداد في الحقوق المالية، وإلغاء منع التعامل المالي مع المتعثر عن السداد في الحقوق المالية، ومعالجة التعارض بين أمر المنع من السفر وقرار إنهاء إقامة غير السعودي، إضافة إلى تفعيل الإفصاح من المنفذ ضده وممن يشتبه بتهريب الأموال إليه، وتجريم الامتناع أو تقديم معلومات غير صحيحة وتفعيل تتبع الأموال وإعطاء المحكمة صلاحيات أوسع في التتبع والاستجواب والاسترداد وإبطال المعاملات، كما أجازت الإسناد للوحدات المركزية والقطاع الخاص. وبحسب التعديلات تقرر استمرار العمل بأحكام «الحجز التحفظي» الواردة في نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية وما يرتبط بذلك من أحكام إلى حين ضمها إلى نظام المرافعات الشرعية، كما تقرر استمرار العمل بأحكام «الإعسار» الواردة في ذات النظام وما يرتبط بذلك لحين صدور نظام لتنظيم الإعسار المدني ونفاذه، على أن تتم معالجة الأحكام الانتقاليّة لطلبات التنفيذ القائمة قبل سريان المشروع. وعَد مشروع نظام التنفيذ جريمةَ تبديد الأموال من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تزيد على 300 ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين كل من أعان المنفذ ضده، أو ساعده. وشددت التعديلات على أن يعاقب الموظف العام ومن في حكمه بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات إذا منع التنفيذ أو أعاقه، ويعد ذلك من الجرائم المخلة بالأمانة، ما يعني أن إعانة المدين بأي شكل من الأشكال ومساعدته للإفلات من أيدي العدالة تعد جريمة تباشر التحقيق الجنائي فيها النيابة العامة. وفي ما يتعلق بالسند التنفيذي، اشترط النظام المقترح تسجيل السندات لأمر والكمبيالات في المنصات الإلكترونية المعتمدة من الوزارة لاعتبارها سنداً تنفيذياً ونصت على تقادم السندات التنفيذية بعد مضي 5 سنوات من تاريخ استحقاقها، مع تمكين من اشتغلت ذمته بحق ثابت في سند تنفيذي من التقدم إلى المحكمة بطلب إلزام من له الحق باستيفائه. ومنحت التغييرات سلطة واسعة لقاضي التنفيذ بتتبع الأموال واستجواب المدين وفرض عقوبات صارمة تصل ل15 سنة سجناً على من يثبت أنه يبدد أمواله حتى لا يحصل عليها الدائن ولو ثبت إعساره. التعديلات.. لماذا ؟ بينت وزارة العدل أن المشروع المرتقب تضمن عدداً من الأحكام التي دعت الحاجة إلى استحداثها؛ سعياً لتحقيق أهداف المشروع وحرصاً على تطوير قضاء التنفيذ في ظل رؤية المملكة وبرامجها التنفيذية ومواكبة لأفضل الممارسات العالمية. واستهدفت الوزارة بالاستطلاع عدداً من الفئات المختصة من القضاة والمحامين وأعضاء هيئة التدريس والعموم. ويهدف مشروع نظام التنفيذ المعدل إلى رفع كفاءة قضاء التنفيذ وإنفاذ العقود، تحقيق العدالة الناجزة، سرعة إيصال الحق لصاحبه بالتوازن مع مراعاة الحقوق الأساسية للمنفذ ضده ومصلحة المجتمع، تعزيز العدالة الوقائية، ضبط العقود التنفيذية، تعزيز إسناد الأعمال غير القضائية إلى القطاعين الخاص وغير الربحي بما لا يخل بالضمانات، قصر دور القاضي على الأعمال القضائية، تعزيز التحول الرقمي وضبط إجراءات التنفيذ وتسريعها بما لا يخل بالجودة والضمانات القضائية، تحسين تنافسية المملكة وبيئة الأعمال فيها، مواكبة أحدث النظريات في التنفيذ المالي وغير المالي بما يتواءم مع السياسة العدلية للمملكة. محاميان: الحقوق مصانة توقع قانونيان من التعديلات المرتقبة في نظام التنفيذ الحفاظ على حقوق الدائنين، ومنح المدينين خطوات للوفاء بديونهم، والإسهام في تسريع وتيرة قضاء التنفيذ، فضلا عن إيجاد نظام مستقل للإعسار. وقال المحامي أشرف السراج إن نظام التنفيذ المرتقب تضمن أحكاماً مستحدثة أهمها حذف أحكام الإعسار من النظام تمهيداً لنقله إلى نظام مستقل للإعسار المدني ما يقلل من إلزامية التنفيذ على الديون المدنية التي بنيت على رضا الطرفين بالاقتراض والتعامل لناحية إنسانية وما شابهها، ما سيمنح الفرصة للمدينين المنفذ ضدهم من التخلص من إجراءات التنفيذ ولائياً وإحالتها لنظام الإعسار الذي يصب غالباً في صالحهم للاستفادة منه وتبرير عدم وفائهم بالديون المستحقة. وأضاف السراج أن من أبرز الإجراءات التنفيذية المستحدثة إلغاء الحبس التنفيذي للمتعثر عن السداد في الحقوق المالية، وإلغاء إيقاف الخدمات الحكومية، وإيقاف منع التعامل المالي مع المتعثر عن السداد في الحقوق المالية، بحيث يستمر بتعاملاته المالية مع الغير بالرغم من وجود أحكام تنفيذية عليه تؤكد بأنه غير ملتزم وأن هناك ضحايا آخرين بسببه. من جانبه، أوضح عضو النيابة العامة السابق المحامي صالح مسفر الغامدي أن من الأحكام التنفيذية المرتقبة في التعديلات اشتراط تسجيل السندات لأمر والكمبيالات بمنصات إلكترونية معتمدة من الوزارة لاعتبارها سنداً تنفيذياً، وهي ضمانة مهمة تجنباً لاستغلال الأوراق التجارية كوسيلة ابتزاز، كما تنص التعديلات على تقادم السندات التنفيذية بعد مضي 5 سنوات من تاريخ استحقاقها، بعد أن كان السند سابقاً وفق الأنظمة ينتهي بعد 3 سنوات ليتحول إلى سند عادي لا تختص بنظره محكمة التنفيذ وإنما المحكمة العامة بحسب الحال.