مائدة دسمة من (الاستهبال) قدمتها الدراما السعودية خلال الشهر الكريم. عفواً، هل قلت دراما، إذاً ليكن تجاوزاً ما أسميناه دراما، وحقيقة الأمر ما تم بثه عبر قنوات عدة لا يمكن إدخاله في تصنيفات (الكوميديا أو التراجيديا، أو الكوميديا التراجيدية)، فما تم تقديمه يمكن تجاوزاً (ومع حب الخشم) أن نقول هي اسكتشات تمثيلية تستهدف الإضحاك، ومع الأداء المبتذل فنياً رأينا الفجاجة، والسماجة في مستويات فنية عدة (السيناريو، الممثل، والمخرج، إلخ) وهذا الاستخفاف هو محصلة سنوات طويلة درجت على الاستسهال وتقديم الغث على أنه فن، وكان المستهدف حصد الأموال، من غير العناية بتقديم عمل فني يشار إليه، ولو سألنا سؤالاً عن أي عمل درامي سعودي ترك بصمة أو نتذكره بإجلال لما وجدنا في رؤوسنا شيئاً نتذكره، ولأن المسألة حصد أموال تناسلت الاسكتشات بهدف وحيد هو جمع المال ولتذهب الدراما المحلية إلى الجحيم. شيء مخزٍ فيما هي عليه الدراما المحلية، وطوال السنة تدخل هذه الدراما في البيات الشتوي حتى إذا هل رمضان انفجرت القنوات بدراما ساقطة لا تحترم المشاهد ولا تحترم نفسها، والذي ساعد هذه الهيافة على الانتشار، والتناسل هي القنوات الباحثة عن المعلن، ولأن الهيافة هي المتسيدة، شاركت تلك القنوات (عد واغلط)، في استغلال كثافة زمن المشاهدة، فأغرقونا بالسطحية والهيافة، ومن الملاحظات أن الشخصيات الثانوية التي مثلت في (طاش) مثلاً، استقلت، وأخذ كل ممثل منهم طريق الإنتاج وتعميق الهيافة، بحثاً عن المال، أحد الممثلين منهم ظن نفسه قيمة تمثيلية عالية، وأنه لو انسلخ من (طاش) يستطيع إنجاح مسلسل أو برنامج بموهبته الفذة التي يمتلكها، فلم يكن له من بطولة سوى تحريك (خلالة الأسنان) في فمه، وكل المشاهد غثنا بتلك الحركة المقززة، حقيقة أثبت أن (خلالة الأسنان) هي البطل! وفي هذا السياق، أقدم الكثيرون على إثبات أنهم خفيفو روح، وانطلق دوري (خفة الدم) المشبع بالسماجة. فهل يعقل أن بلاداً كبلادنا تمتلك قوى ناعمة -في كل المجالات- تضاهي بقية الدول عمقاً، ورؤية تكون قوتها الدرامية بهذا الهزال؟ وللمعنين رسالة: انقذوا الدراما المحلية من هذا الهزال المريع.