تتغير أرقام كوفيد-19، نعم تتغير. فهي ليست جامدة، لكنها تتغير إلى الأسوأ، إذ إن الأزمة الصحية تتدهور في أرجاء العالم. ومثلما كنا في بداية النازلة في مارس 2020، عدنا في أبريل 2021 لا نعرف شيئاً عن مستقبل الإنسانية القريب، وليس البعيد؛ وسط تضارب آراء العلماء في تكهناتهم بالمسارات المحتملة للأزمة الوبائية. وعاد الحديث من جديد عن موجة ثالثة، أو رابعة، وجحيم جديد من الوفيات وحالات التنويم. ولتكن البداية بأرقام أمس وأمس الأول: • في 18 أبريل سجل العالم 685.495 إصابة جديدة، جاء أكثرها من الهند: 273.802. • وفي 19 أبريل سجل العالم 692.805 إصابات جديدة، قدمت الهند أكثرها، وهو 259.167 إصابة. لذلك كان طبيعياً أن يرتفع العدد التراكمي للإصابات العالمية من 142 مليوناً فجر الإثنين إلى 142.73 ظهر الثلاثاء. وفي توازٍ مع ذلك ارتفع عدد وفيات العالم إلى 3.04 مليون وفاة؛ على رغم ارتفاع عدد جرعات اللقاح المستخدمة عالمياً أمس إلى 910.21 مليون جرعة، في 156 بلداً. ومع أنباء تسارع تفشي السلالة الهندية المتحورة وراثياً من الفايروس، غدت الهند محط أنظار العالم، بما تشهده من هجمة فايروسية شرسة. واتسعت قليلاً الفوارق بينها والبرازيل التي أضحت الثالثة في العالم، بعد الولاياتالمتحدةوالهند. فقد ارتفع عدد إصابات الهند أمس إلى 15.32 مليون، أدت إلى 180.550 وفاة؛ فيما ارتفع عدد إصابات البرازيل أمس إلى 13.98 مليون، نجمت عنها 375.049 وفاة، هي ثاني أكبر عدد وفيات في العالم بعد الولاياتالمتحدة (581.524 وفاة). وتجاوز عدد وفيات فرنسا أمس 101 ألف وفاة، مع ارتفاع عدد الإصابات هناك إلى 5.30 مليون إصابة. و تجاوز عدد وفيات روسيا أمس 105 آلاف وفاة، مع ارتفاع عدد إصاباتها إلى 4.71 مليون إصابة. وعمدت الحكومة الهندية إلى فرض الإغلاق الكامل على العاصمة نيودلهي ليل الإثنين، لمدة أسبوع، في مسعى لكبح تفشي الوباء، والحيلولة دون انهيار المرافق الصحية في العاصمة، التي قالت السلطات الهندية إنها تكاد تستنفد طاقتها الاستيعابية. وبات أمراً معتاداً في نيودلهي انتقال سيارات الإسعاف من مشفى إلى آخر، بحثاً عن سرير شاغر لمرضى على متنها. وانتظمت طوابير المصابين أمام المستشفيات بانتظار السماح لهم بالدخول، بحثاً عن علاج. وفي أحدث مسعى لكسر سلاسل التفشي، أعلنت الحكومة الهندية أمس أنها ستعلن قريباً جداً فتح الباب لتطعيم جميع البالغين باللقاحات المضادة لكوفيد-19. وكما هو واضح من الأرقام السابقة، فإن الهند ليست وحدها في هذا الخطب الجلل. فهناك إصابات جديدة متزايدة في البرازيل، وفرنسا. والأسوأ من ذلك أن الوفيات بدأت ترتفع عالمياً، حتى أضحى متوسط عددها يصل يومياً إلى 12 ألفاً. وكان العدد الإجمالي لوفيات الإنسانية بالوباء تجاوز قبل أيام 3 ملايين وفاة. ولم تؤد الأزمة المتفاقمة في الهند إلى التأثير في الهند وحدها؛ بل في العالم أجمع. فمن المعروف أن الهند هي أكبر منتج للقاحات في العالم. وقد اضطرت بسبب ما تعانيه من وطأة المرض إلى منع تصدير اللقاحات، لتضمن أن ما يتم إنتاجه سيوجه إلى أذرع مواطنيها أولاً. وأعلنت الهند أنها ستطعّم أي مواطن تعدى عمره 18 عاماً اعتباراً من أول مايو القادم. وكان التطعيم في الهند اقتصر على الكوادر الصحية والمسنين حتى عُمر 45 عاماً. وبلغ عدد من تم تطعيمهم في الهند حتى الآن 120 مليوناً من نحو 1.3 مليار نسمة هم عدد سكان البلاد. وأدى قرار إغلاق نيودلهي إلى مسارعة مئات الآلاف من العمال الريفيين وعائلاتهم إلى محاولة مغادرة نيودلهي عائدين إلى قراهم، في ظل توقف الأشغال التي يمارسونها ويؤجرون عليها يالمياومة (اليومية). وبلغ عدد الإصابات الجديدة في نيودلهي أمس 24 ألفاً. لاحظت (بلومبيرغ) أمس أن كوفيد-19 ترك الأطفال والشباب خلال موجته الأولى. لكنه حالياً يزج بعدد كبير منهم في المستشفيات، ويتسبب بوفاة عدد متزايد منهم، خصوصاً في الولاياتالمتحدة. ففي ولاية ميشيغان، حيث يتسارع تفشي الوباء بمعدل 8 آلاف إصابة جديدة يومياً، قالت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية بالولاية إنه تم تنويم 50 طفلاً ومراهقاً الخميس الماضي. وذكر المدير الطبي لمستشفى الأطفال في ديترويت رودلف فالنتيني أمس الأول: «بدأنا نشهد استقبال عدد متزايد من الأطفال في قسم الطوارئ، ويتم إدخال بعضهم وحدات العناية المكثفة»، كما أن بعضهم يحتاجون إلى الخضوع لجهاز التنفس الاصطناعي. وكان معظم من تقل أعمارهم عن 30 عاماً لا يصابون بأعراض حتى لو أصيبوا بعدوى الفايروس. وخلال الموجة الأولى قبل أكثر من عام لم يتعد عدد وفيات الأطفال بالوباء 293 طفلاً تراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً في جميع أرجاء الولاياتالمتحدة. غير أن الفترة الراهنة تشهد تنويم عدد كبير من الأشخاص من سن الطفولة إلى 20 و25 و35 عاماً. وعلى رغم انخفاض مستوى الوفيات وسط هذه الفئة، إلا أن إصابات كثيرين منهم جسيمة. الأطفال.. تركهم المرة الأولى.. وقصدهم هذه المرة !