يجمع الإنسان خصالا عديدة في فطرته الرئيسة، التي تنمو عبر تدرج وعيه الخاص بالمشيئة، وقد تكون خصلتا الشهوة والغريزة هما أهم خصلتين متداخلتين يتأرجح بينهما الإنسان في تحقيق مشيئته، فهو قادر على المنع، وكبح غرائزه، وشهوته، ويحقق ذلك الكبح من خلال الإدراك، بينما الغريزة سلوك غير مدرك أو غير واع. ولهذا فإن الحيوان يتحرك بغرائزه المنفلتة التي لا يُحكم فيها عقل -كونه كائنا غير عاقل- فيظل منساقا لغرائزه من غير رادع حتى إن مارس وظائف الكائن الحي، فهو يمارسها وفق الغريزة، ولا يمكن تحويل الغريزة لدى الحيوان إلى سلوك مُدرك. وجميعنا ترسخ في بالنا أن الحيوان غريزي يتحرك في حياته على مبدأ الغريزة من غير تفكير لما يحدثه من فعل، ولهذه لا يمكن تغييب تلك المعلومة عند التعامل مع الحيوان. ومع تعامل الناس مع الحيوانات الضارية أو المستأنسة هو تعامل مدرك بالمخاطر التي يمكن وقوعها، فلا يلام الحيوان على غرائزه وإنما يلام الإنسان على محاولة كسر غريزة الحيوان بحجة التدريب أو الألفة. وإن وجدت حيوانا ألف على طريقة تعاملك معه، فهذا لا يعني تخلص الحيوان من غريزته، فهو سرعان ما يعود إليها من غير تبرير لماذا عاد. والشاب الذي افترسه الأسد غيب عن باله المبدأ الرئيس لوجود الكائنات غير العاقلة.. فهي كائنات ترد إلى غرائزها مهما ظننت أنها تأنسنت، أو ألفت. ومع محبي الحيوانات الضارية يصبح غير مجدٍ قول النصائح أو الحقائق أو السنن التي أوجد الله بها خلقه. ومن الأمور الملزمة على الدولة تقيد الحلال المضر على الأفراد والمجتمعات.. فتربية الحيوان له الحِلية وحين يكون الحلال مضرا يصبح حراما بنص القانون. نعم، هناك قوانين تجرم تربية الحيوان الضاري، إلا أن المستهتر يقفز على القانون وتكون النتيجة دفع الغرامة ماليا أو حياته نفسها، كما حدث لذلك الشاب، رحمه الله.