ليست المفاجأة أن ينهي أردوغان شهر العسل مع (إخوانه) بالطلاق، أن يثبت على مواقفه التي تعوّد امتهانها، هو أم المفاجآت وأبوها. أردوغان، انقلب على شيخه فتح الله جولن بهدف البقاء وحيداً في مشهد التأثير، حتى بلغ الأمر به أن سجن عشرات الآلاف من أتباع الشيخ الجليل بتهمة المشاركة في انقلاب 2016 المزعوم! وهو ذاته الذي انفض وينفض رفاق دربه من حوله تباعاً، من أمثال الرئيس التركي الأسبق عبدالله غل، بعد أن ضاقوا ذرعاً باستبداده وأنانيته. أردوغان، أو أكبر المصائب التي حلت على تركيا بحسب أحمد داوود أوغلو، رئيس وزرائه وخليفته في رئاسة حزب العدالة سابقاً، وصديقه الذي استحال إلى عدو لدود لا يتوانى عن وصفه بالخائن للأمانة! إنما يمثل واحداً من التحديات التي تواجه مساعي الدول الطامحة إلى الاستقرار في المنطقة. بناء عليه، فإن الوقوف في وجه الأخطار المحدقة، في غنى عن حليف يفتقر للحد الأدنى من المبادئ، إذ إن بوصلته التي تشير باستمرار إلى حيث مصلحته الشخصية، لا يعتد بها دليلاً في خارطة التكامل السياسي المنشود، وكما يقال: صديق منافق، أسوأ من عشرة أعداء. على طريقته في التصعيد المبالغ فيه، ثم العودة مجدداً إلى عادة الرقص على الحبال، حاول الخليفة المتوكل على المكر أن ينال من أمن العرب. سنوات من الانتهازية والتربص والتحريض، أثمرت فشلاً ذريعاً. ثم ماذا؟ قرر قلب صفحة الماضي، وتجربة مد يده إلى مصر وبعض الدول الخليجية! ألقى أردوغان بورقه كله، ونبذ داعميه من المتخاذلين العرب خلف ظهره (حتى حين)، وأقبل محاولاً شق عباب بحر كان ملأه بالألغام والدسائس، معتمداً على واحد من أسوأ مبررات البراجماتية النفعية، وهو أنه لا ثابت في السياسة، وأن عدو الأمس ربما أصبح صديق اليوم. فات عليه أن ما أرسله يرتد إليه. وأردوغان الذي أرسل الكراهية، من غير المقبول أن يتوهم بأن ما عداها قد يعود عليه. أن يتوب، فلنفسه بعد كل الذي قدمه بين يدي سياساته المتهورة. أو لا يتوب، فإنه بتاريخه الموغل بالعنتريات محط لأنظار المترقبين للنهايات التراجيدية، التي تحيق دائماً بالمعتدين. أما المنطقة، فأشرافها يفهمون جيداً أنه: مخطئ من ظن يوماً، أن للثعلب ديناً. كاتب سعودي f_alassaf@