«1» هنا السجن ضخم جداً فقد بُني على طراز من الجودة يحتوي على مبان إدارية ومرافق ترفيهية وتعليمية حديثة، إضافة إلى مجموعة من الأجنحة التي يضُم الواحد منها اثنتين وعشرين (عزبة) -وهو الاسم البديل لمفردة (زنزانة)- التي لا تُستخدم في هذا المكان، كما لا تُستخدم مفردة (سجين) وإنما (نزيل). الجناح عبارة عن طابقين على شكل حرف (U)، في الدور العلوي سياج حديدي يستخدمه النزلاء لنشر ملابسهم ويوجد مُصلى يتوسط العزب في الأسفل، وتترامى في الفناء السفلي مجموعة من الطاولات الحديدية الملحقة بها كراسي حديدية مستديرة يستخدمها النزلاء للجلوس ومشاهدة الشاشتين التلفزيونيتين المنصوبتين على الجهتين اليمنى واليسرى من الفناء السفلي للجناح. كما أن هناك فناء خارجيا للتشميس مفتوحا دائماً ومسقوفا بشكل حديدي وبما لا يمنع تسرب أشعة الشمس بغزارة في الفناء. في كل جناح هناك أربع كبائن هاتفية يستخدمها النزلاء للتواصل مع الدنيا بالخارج تعمل من الساعة السادسة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساءً. في كل جناح يوجد (منسق) وهو أحد النزلاء الذين يمتازون بالحكمة والوقار، وقدرته على إدارة مشاكل النزلاء يومياً بحيث يكون همزة الوصل بينهم وبين ما يسمونه (الحكومة) ويقصدون بها إدارة السجن. وللمنسق صلاحيات واسعة؛ إحداها: قدرته على إبعاد أي نزيل يُعكر صفو الجناح أو يكون سبباً للمشاكل التي غالباً ما تكون خطرة متى ما نشُبَت في الجناح، وقد تستمر لساعات حتى يتم تدخل قوات الطوارئ في السجن. وفي المقابل فإن على عاتقيه مهام جسيمة تبدأ في تقسيم وتوزيع ما يسمونه (الصَفّيَّة) وهي الوجبات الثلاث التي توزع على النزلاء (الإفطار، الغداء، العشاء) وحل كل المشاكل التي تكون بين النزلاء. الزنازين أو ما يسمونها العزب مفتوحة طوال اليوم، ولا تُغلق أبداً ويختلط النزلاء طوال اليوم فتجدهم يتسامرون داخل إحدى العزب أو يمارس أحدهم رياضة المشي داخل الفناء أو يشاهدون التلفاز -الذي غالباً ما يُسبب بعض المشاكل بسبب التعارض في اختيار القناة- لكن في الغالب يحسمها أباطرة الجناح الذين يمتلك أحدهم من الجبروت ما يجعله يفرض برنامج (ربوع بلادي) على قناة الذكريات في وقت الذروة دون أن يفكر أحد أن يعترض سراً أو علانية. allahim@ كاتب سعودي