كشف مدير سجن الإصلاحية بمكةالمكرمة العميد محمد بن هشلول عن أن إصلاحية مكةالمكرمة تعد أول إصلاحية على مستوى مدن المملكة، تستلهم في بنائها النموذج التركي للسجون. وأشار بن هشلول في حديث ل "الوطن" إلى أن تلك الخطوة جاءت بعد زيارة مسؤولين في سجون المملكة لكثير من السجون في دول العالم، واستحسن مدير عام السجون بالمملكة اللواء الدكتور علي الحارثي بناء النموذج التركي للسجون. وأشار إلى أنه تم استحداث جناح جديد بالإضافة إلى الأجنحة الأخرى داخل الإصلاحية تحت مسمى " جناح تراحم"، حيث دشنه وكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز الخضيري، ويتم نقل السجناء إلى هذا الجناح قبل الإفراج عنهم ب 6 أشهر، بهدف تهيئتهم لتقبل برامج الإصلاح والتوجيه التي تشد من أزرهم للعودة إلى الطريق السوي والتوبة إلى الله، عن طريق حزمة من البرامج الاجتماعية والنفسية والسلوكية التأهيلية تقدم لهم بشكل يومي وأسبوعي بالتعاون مع لجنة تراحم وجامعة أم القرى وإدارة التربية والتعليم، ثم إيجاد فرص عمل لهم عقب الخروج، أوتهيئتهم للبدء في مشاريع صغيرة لحمايتهم من الاحتياج المادي أوالعزوف عن الإنتاج، وذلك بعد حصولهم على تمويل لتلك المشاريع والتقائهم بمندوبين من وزارة العمل، و"المئوية"، و"دعم المشاريع الصغيرة"، وتطوير مهاراتهم فيما يتناسب مع ميولهم سواء في الأعمال الفنية كالكهرباء والنجارة أوغيرها. وأشار أحد المفرج عنهم في حديث إلى "الوطن" إلى أن السنة الأولى من السجن كانت من أصعب السنوات، مبينا أنه التحق بدورات تحفيظ القرآن الكريم بالإصلاحية، وأكمل دراسته بالمعهد المهني وحصل على شهادة "فني كهرباء"، وقدمت له إدارة السجن بعد انتهاء محكوميته قرضا من بنك التسليف أعانه على فتح مشروعه الخاص والتوسع فيه. وثمن لمدير سجون مكةالمكرمة اللواء عطية الزهراني ومدير إصلاحية مكةالمكرمة العميد محمد بن هشلول، تعاملهم الإنساني واحتواءهم للسجناء داخل السجن، وحتى بعد انتهاء محكوميتهم. كما التقت "الوطن" بأحد النزلاء الذي أمضى عامين و8 أشهر بسجن الإصلاحية من محكوميته التي تبلغ 3 أعوام، حيث أشار إلى أنه حصل على درجتي الدبلوم في الكهرباء الإنشائية، والحاسب الآلي في الفترة الصباحية من خلال المعهد المهني بالإصلاحية. ووصف تجربته في "جناح تراحم" بالمفيدة وأنها أعادت له الثقة بالنفس والمجتمع والطمأنينة، خاصة بعد أن تلقى التدريب والتعليم. ويتكون جناح تراحم من حجرة سفلية للراحة والجلوس ملحق بها مسجد ومكتبة، ومكان للتشميس ودورة مياه، وحجرة علوية للمبيت، وتستوعب الوحدة 24 نزيلا. وأفاد مدير الإصلاح والتأهيل بالإصلاحية النقيب يحيى المباركي أن هناك برامج عديدة تقدم لكافة نزلاء الإصلاحية البالغ عددهم 1500 نزيل، كالبرامج الرياضية والأنشطة الثقافية، والتدريب، وبرامج الرعاية النفسية والاجتماعية والصحية، لافتا إلى وجود 3 صالات مجهزة بأجهزة رياضية وألعاب "بلياردو، وتنس طاولة، وبيبي فوتبول" بالإضافة إلى ملعب لكرة القدم وآخر للكرة الطائرة. وأوضح رئيس لجنة تراحم بمكةالمكرمة اللجنة المشرفة على "جناح تراحم" يحيى الكناني، أن عدد النزلاء الذين تم إطلاق سراحهم منذ افتتاح جناح "تراحم" بلغ 511 شخصا، تنوعت قضاياهم ما بين جنائية وحقوقية، مؤكدا أنهم تلقوا تأهيلا نفسيا واجتماعيا وسلوكيا، وتدريبيا. وحول أبرز الخدمات المقدمة لنزلاء الجناح، قال الكناني: تمت مخاطبة عدد من الجهات الحكومية كمكتب العمل بمكةالمكرمة، واستفاد من تلك المخاطبات 225 نزيلا بتوفير 105 وظائف لهم، كما استفاد 30 نزيلا آخر من مخاطبة مكاتب العمل بالمملكة، وأصبح نحو 7 منهم يمتلكون سجلات تجارية ومؤسسات خدمية، كما استفاد 20 نزيلا من معهد ريادة الأعمال، واستفاد 35 نزيلا بتوظيف زوجاتهم وبناتهم بعدد من الوظائف الأهلية والحكومية. وأوضح الكناني أن المستفيدين من "جناح تراحم" ليس منهم نزلاء قضايا المخدرات، مشيرا إلى أن هناك جهودا تبذل للعناية بنزلاء قضايا المخدرات، وهناك دراسة لإنشاء جناح خاص بهم على أن يراعى فيه تقديم خدمات علاجية لهم وصولا إلى الشفاء من الإدمان، ومن ثم تأهيلهم لإخراجهم كأعضاء صالحين في المجتمع. ووصف استشاري الطب النفسي مدير مركز الصحة النفسية بمكةالمكرمة الدكتور رجب بريسالي "جناح تراحم" بالخطوة الإيجابية وأنه آلية من آليات العلاج النفسي التأهيلي والمعرفي السلوكي، فالنزيل أصبح لديه فكرة واضحة عما قبل إطلاق سراحه وما بعده، وإذا دعته الأنا السفلية التي ترتبط بالغرائز الجسدية للقيام بأعمال قد ترجعه إلى الإصلاحية مجددا، يتكون بداخله فكر إيجابي من الأنا العليا لوقف تلك الرغبات.