وضع اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني المليشيات الموالية لنظام الملالي في المنطقة، خصوصا في العراق وسورية ولبنان واليمن في مأزق كبير، إذ كان «جنرال الدم والخراب» الممول الرئيسي والعقل المدبر بل والقائد الفعلي لهذه التنظيمات الإرهابية، وكانت اجتماعاته ولقاءاته مع قادتها لا تنقطع، كما أن زياراته لها في أرض الواقع كانت متواصلة أيضا، وهو من ما سبق أن كشف عنه حسن نصر الله عندما قال في خطابه عقب مقتل سليماني «بعد تولي سليماني مهام منصبه لم نعد بحاجة لإرسال وفود إلى طهران لنطلب الدعم أو المساعدة أو شرح الأوضاع أو الظروف أو الصعوبات، فهو دائماً كان يحضر إلينا ويأتي في أوقات متقاربة جدا». لكن منذ تصفية سليماني بضربة أمريكية صاروخية مطلع شهر يناير من العام الماضي قرب مطار بغداد الدولي برفقة قائد مليشيا الحشد العراقي أبو مهدي المهندس، واجهت تلك المليشيا المنتشرة في أكثر من موقع ضعفا وتشتتا وصل إلى حد الخوف من المجهول القادم خصوصا «مليشيا حزب الله» اللبناني وزعيمها حسن نصر الله الذي أصبح في نظر كثير من المراقبين بمثابة الهدف القادم. وهكذا تعرضت مليشيات نظام الملالي في المنطقة إلى ضربات مؤلمة وقاصمة أفقدتها توازنها وعقلها المفكر، خصوصاً في العراق عقب تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء وتشديد القبضة الأمنية ومكافحة الفاسدين والخارجين على القانون، وفي سورية تعرضت تلك المليشيا لضربات إسرائيلية ضد مواقع تابعة لها من دون أن تكون قادرة على الرد، كما أن تشكيل حكومة الكفاءات في اليمن وحل الخلافات بين الشرعية والمجلس الانتقالي، من شأنه أن يقوض كثيراً من نفوذ مليشيا الحوثي التي تواجه هزائم متتالية في عدد من الجبهات. ومن هنا، فإن غياب مهندس التوسّع الإيراني في المنطقة، أثر بصورة سلبية كبيرة على المليشيات الموالية لطهران، بل وأثر على المحور الإيراني برمته باعتباره الرجل الثاني أو الثالث في هرمية نظام ولاية الفقيه والذي كان يلعب أدواراً أكبر من أدوار الرئيس نفسه أو مؤسسات الدولة ذاتها، ولذلك فقدت المليشيا توازنها وأضحت في مهب الريح.