إذا كانت معاناة أوروبا والولايات المتحدة في أتون الموجة الثانية من هجمة فايروس كورونا الجديد تحظى بالأضواء، بسبب وجود الشبكات الإعلامية؛ فإن القارة الأفريقية تصطلي منذ أسابيع بالموجة نفسها، من دون أن يسارع الإعلام العالمي لإلقاء ضوء على معاناتها. ويزداد الوضع الأفريقي قتامة في ظل التوقعات بأن أفريقيا الفقيرة النائية لن تتلقى كميات كافية من اللقاحات أسوة بالبلدان الغنية. وكانت القارة التي يعمرها نحو 1.1 مليار نسمة قد تفادت ويلات الموجة الأولى خلال الربيع الماضي؛ إذ قيدت بلدان الساحل الأفريقي نحو 25 ألف وفاة، و1.6 مليون إصابة خلال الموجة الوبائية الأولى. وعزا الخبراء ذلك إلى مسارعة حكومات بلدان القارة السمراء إلى تطبيق تدابير الإغلاق. وأضافوا بأن مما ساعد أفريقيا على تفادي الخسائر الكبيرة أن غالبية سكانها من فئة الشباب الأصغر سناً. وقالت منظمة الصحة العالمية أخيراً إن الإصابات الجديدة والوفيات ارتفعت في أفريقيا خلال الأسبوع الماضي وحده بنسبة 40%. وأبلغت جنوب أفريقيا، وناميبيا، ويوغندا، ونيجيريا، والسنغال، والكونغو، وكينيا، وإثيوبيا عن عدد متزايد من الإصابات الجديدة. وذكرت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية أن الإصابات والوفيات أخذت تتضاعف في المدن الكبرى، خصوصاً العاصمة التشادية إنجمّينا. وأعلنت نيجيريا أمس الإغلاق الكامل للعاصمة الاقتصادية لاغوس، في مسعى لكبح تفشي الفايروس. وقالت منظمة الصحة العالمية إنها أحيطت علماً بأن علماء جنوب أفريقيا اكتشفوا نسخاً متحورة من فايروس كورونا الجديد. وتحتل جنوب أفريقيا المرتبة ال18 عالمياً، والدولة الأفريقية الثانية هي إثيوبيا، التي تحتل المرتبة ال66 عالمياً. وتأتي كينيا في المرتبة ال76 عالمياً.وقال مدير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية الدكتور مايكل ريان أمس الأول، إن جنوب أفريقيا تواجه ارتفاعاً متزايداً في الإصابات والوفيات. وأضاف أن الحالات في غرب أفريقيا وشرقها آخذة في الزيادة بشكل يثير القلق. ولاحظ أنه على رغم أن تلك الأرقام ليست قياسية، بالنظر إلى الأوضاع الصحية في الدول الغربية؛ إلا أن ذلك يحتم على دول القارة الأفريقية أن تلتزم اليقظة والحذر لئلا تفقد السيطرة على الأوضاع. ووسط إمكانات شحيحة جداً، يعاني السودان ويلات الموجة الثانية من هجمة فايروس كوفيد-19. ففي كل يوم تعلن وزارة الصحة السودانية عدداً متزايداً من الإصابات، خصوصاً في العاصمة الخرطوم، وولاية الجزيرة المجاورة. وتتحدث صحف الخرطوم ومواقع التواصل الاجتماعي عن عدد كبير من الوفيات وسط كبار أطباء البلاد من المدنيين والعسكريين. وتشير تقارير صحفية إلى أن المستشفيات المخصصة لاحتجاز مرضى كوفيد-19 استنفدت طاقتها الاستيعابية، حتى اضطر ذوو عدد من الأطباء الكبار إلى إبقائهم في منازلهم حيث عاجلتهم مناياهم.