مما يلاحظ في بعض أسماء التيار الديني المتشدد في إيران، أن من بين أسمائهم «آية الله» أو «روح الله»، تعالى الله عن كذبهم، فالخداع بدأ من بدايات وصول روح الله الخميني إلى السلطة، إذ ابتكر فكرة رجل الدين الزاهد في تقاه، وكان معارضاً لكل الفسق والكبائر، على حد وصفه في فترة حكم رضا بهلوي، التي لم تكن هادئة مع الخليج العربي، ولكن حدتها خفيفة بما يتوجه إليه متشددو إيران من إثارة للفتنة والقتل والتشريد في العراق وسورية، وإرسال الصواريخ البالستية إلى الرياض. ولعل من مميزات عهد رجل الدين الزاهد بيع ونقل المخدرات إلى إيطاليا عبر وسطائه في المنطقة لغسل الأموال والالتفاف على العقوبات الأمريكية لكلا النظامين السوري والإيراني، في خطوة لم تعتبر جديدة على النظام الإيراني ولا على وسطائه في المنطقة، وهذا حسب تحقيق منفصل قامت به «دير شبيغل» الألمانية. ومن الابتكارات لروح الله الخميني ولاية الفقيه في حيثياتها لا ينازعه فيها أحد، وقد اعتبرت بين الأوساط الخمينية «ولاية مقدسة» ويجرَّم فيها من يتطاول بالنقد أو الاتهام على الذات «الخمينية»، على حد وصف بعضهم، ما يجعل النقاش في هذا الموضوع قطعا من الجحيم. ومن الحرب الناعمة التي تقوم بها إيران في المنطقة حالياً تعليم الفارسية، وتجهيز الحسينيات، وتدريب الكشافة في سورية منذ 2014، بموافقة النظام السوري. وتبدأ الآن كرتها الجديدة في اليمن من نشر للفكر العبثي في المنطقة. ولصدام حسين حركة التفاف ذكية عبر استخباراته لمعرفة فكرهم وأطماعهم الخمينية في المنطقة، إذ انتهز الفرصة في مواجهاته العسكرية معهم لإيقاف مدهم الفارسي على العراق ولبنان، ليكف الأذى عن الجميع لعقود. أيديولوجيات التطرف الحديثة التي اتخذت إيران عاصمة لها هي الإرهاب الموجه لجميع البلدان، ما يجعل إيران تظن أنها مسيطرة بقوة الإرهاب على الدول، وهذا التعاون لم يكن وليد اللحظة، فبعد تفجيرات 11 سبتمبر اتجهت قيادات «القاعدة»، ومن بينهم زعيمهم أسامة بن لادن ونجلاه حمزة وسعد إلى إيران، فأمنت لهم الملاجئ الآمنة، ولعل آخر ما ظهر للعلن وأنكرته الآيات الكاذبة مقتل الرجل الثاني لتنظيم القاعدة «أبومحمد المصري» في مهمة سرية دبرتها واشنطن وقام بتنفيذها عملاء إسرائيليون على الأراضي الإيرانية، ثم تصمت إيران خلف الاعتداءات الإسرائيلية من تفجيرات واغتيالات وخطف داخل وخارج مواقع إيرانية، لتخرج بعدها وتهدد الخليج في أمنه. حرب الوجود ثوابت ومعتقدات لدى النظام الإيراني، ولن يتوقف حتى يكمل ما تبقى من النظرية العبثية في المنطقة العربية، والخليج على وجه الخصوص، إذن فالحرب هي حرب وجودية، حرب في كل شيء، تهديد الحياة والدين والمعتقد والثقافة، وكيفية تغيير بوصلته بيولوجياً، لتبدأ رحلة الإنكار للتاريخ العربي وحرق كل ما يثبت قوته.