صحيح أن الناس كافة يتحرقون شوقاً للحظات التي سيتم فيها توفير لقاح ناجع يقيهم الإصابة من فايروس كورونا الجديد. لكن شركات الطيران أكثر تشوقاً لتلك اللحظات، التي تعني بالنسبة إليها إعادة الحياة إلى صناعة السفر والسياحة. وتعكف هذه الشركات على وضع نماذج مثالية لأفضل وسائل الفحص المتقدم تكنولوجياً، لتسهيل السفر، دون مخاوف صحية، ودون الحاجة إلى حجر المسافرين بعد وصولهم إلى وجهاتهم لضمان عدم إصابتهم بفايروس كوفيد-19. لكن منظمة الصحة العالمية لديها مقاربة مختلفة نوعاً ما. فهي تدرس إمكان إصدار «شهادات تطعيم إلكترونية»، يحق لحاملها الانتقال من بلد إلى آخر، باعتبارها دليلاً على خضوعه للتطعيم باللقاح المضاد للإصابة بالفايروس. غير أنها ترى، بحسب ما ذكر أحد ممثليها الخميس الماضي، أنه ينبغي ألا تكون نتيجة فحص وجود الأجسام المضادة، لدى الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد-19، التي تعرف أحياناً ب«جواز المناعة» مبرراً كافياً للسماح لهم بالسفر. وقالت المنظمة إنها تعارض أيضاً السماح للأشخاص بعبور حدود البلدان بناء على شهادة فحص تثبت عدم إصابتهم بالفايروس. وقال مدير برامج الأمراض التي تمكن الوقاية منها باللقاحات في أوروبا سيدارثا داتّا، من مقره في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن: «ندرس من كثب إمكان استخدام التكنولوجيا بالعمل مع الدول الأعضاء في إصدار شهادات تطعيم إلكترونية». وكانت إيستونيا- إحدى دول البلطيق- وقعت اتفاقاً مع منظمة الصحة العالمية، تم بموجبه البدء في مشروع تجريبي لإصدار شهادة تطعيم رقمية، أشبه ب«الكرت الأصفر» كما عرف سابقاً لإثبات التطعيم بلقاح الحمى الصفراء. وتأمل حكومات عدة أن تكون «جوازات المناعة» سبيلاً للعودة إلى الوضع الطبيعي، بعد دحر جائحة فايروس كورونا الجديد. وتعمل شركات الطيران، من جانبها، على درس أفضل السبل لإيجاد نظام متقدم لاختبارات PCR القادرة على إعطاء نتيجة دقيقة خلال وقت قصير. ويعني ذلك أن خطة العودة للوضع الطبيعي بالنسبة إلى شركات الطيران تعني بالنسبة إليها ضرورة تحويل المطارات إلى مراكز فحوص متطورة تضع حداً لمحنة صناعة الطيران جرّاء الجائحة. وكان مذهلاً أن بلومبيرغ كشفت أن خطة الاعتماد على مراكز الفحوص التي سيتم إنشاؤها في المطارات الدولية تقف وراءها شركتان تعيشان على هامش سوق الطيران! إذ تقف وراءها في الولاياتالمتحدة شركة اكسبريس-سبا، التي تعمل في أكبر 4 مطارات أمريكية، في مجال العناية بأظافر اليد وبالقدمين، وبيع وسائد السفر. وفي بريطانيا تقف وراء الخطة شركة كولينسون، وهي الشركة الأم التي تملك امتياز إدارة شبكة صالات المطارات. وتتولى كولينسون مرافق الفحص السريع في مطار هيثرو، ولزبائن شركة فيرجين أتلانتك. وأعلنت كولينسون أخيراً أنها دخلت في شراكة مع الخطوط الجوية الأمريكية، والبريطانية، وونويرلد؛ وهي الشركات الثلاث التي تحالفت على تجهيز مرافق للفحوص السريعة لوجهات مختارة. ويعمل الرئيسان التنفيذيان لكولينسون ديفيد إيفانز، ولاسكبريس-سبا داوساتسمان على إقناع الحكومات البريطانية والأمريكية على إنشاء هيئة حكومية تتولى وضع وتنفيذ سياسة منسقة تحدد متطلبات الفحوص، لتحقيق هدفه الذي يسميه «دعوا العالم يتحرك مجدداً». وتعهد بأن تهب شركته لمساعدة الهيئة الحكومية في مجال تكنولوجيا الفحوص السريعة في المطارات. وأشارت بلومبيرغ إلى أن الرجلين يعتقدان أنه بغض النظر عن وجود لاقاح ناجع، فإن فحوص المطارات ستبقى الحاجة إليها على المدى الطويل، على الأقل خلال السنتين القادمتين، أو أطول من ذلك.