أضحى شبح الإغلاق يخيم على جميع المدن البريطانية، خصوصاً العاصمة لندن. وذكرت صحيفة «التايمز» أمس (السبت) أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يدرس إعلان مزيد من تدابير الإغلاق هذا الأسبوع، إثر تفاقم عدد الإصابات الجديدة، وزيادة عدد الوفيات، وارتفاع عدد المرضى الذين يتم تنويمهم بالمستشفيات. وقالت «التايمز» إن جونسون سيعلن الإجراءات الجديدة في مؤتمر صحفي سيعقده غداً (الإثنين). وأضافت أن الإغلاق سيشمل كل شيء، باستثناء المتاجر الأساسية، والمدارس. وإذا صدقت تلك المعلومات، فمن المتوقع أن تدخل بريطانيا قيد الإغلاق اعتباراً من الأربعاء، وستظل سارية حتى الأول من ديسمبر القادم. وذكرت أوراق قدمتها اللجنة العلمية التي تقدم المشورة إلى الحكومة (الجمعة) أن تفشي فايروس كورونا الجديد بدأ يأخذ مساراً تصاعدياً فاق أسوأ السيناريوهات التي توقعتها الحكومة البريطانية. وأشارت تلك الأوراق إلى أن معدل الوفيات اليومي حالياً يوافق ما تم توقعه في أسوأ سيناريو. ورجحت أن ذلك المعدل سيشهد قفزات جديدة خلال الأسبوعين القادمين. وعلى رغم أن حكومة جونسون تمسكت الجمعة بنهجها الرامي إلى محاصرة التفشي الفايروسي من خلال تطبيق إغلاق المناطق الموبوءة؛ إلا أنه يبدو بشكل متزايد أن جونسون سيضطر إلى إعادة إغلاق بريطانيا بأسرها، نزولاً عند رأي العلماء. وطبقاً لإحدى أوراق اللجنة العلمية، فإن متوسط الإصابات الجديدة في إنجلترا راوح في 14 أكتوبر بين 43 ألفاً و74 ألفاً يومياً، وهو ما يفوق كثيراً «أسوأ السيناريوهات» الذي توقع 12 ألفاً إلى 13 ألف إصابة يومياً. وتوقع العلماء أن يصل عدد الوفيات، في أسوأ سيناريو، في 8 أكتوبر الماضي إلى ما يربو على 100 وفاة يومياً خلال الأسبوعين التاليين. غير أن العدد الفعلي للوفيات ارتفع إلى 160 وفاة يومياً خلال الأسبوعين المشار إليهما. وبلغ عدد وفيات الجمعة 280 وفاة. وحذر مكتب الإحصاءات الوطنية من أن عدد الإصابات الجديدة وسط طلاب المدارس الثانوية آخذ في التزايد. فقد ارتفع من طالب من كل 130 طالباً إلى طالب من كل 100 طالب خلال الأسبوع المنتهي في 23 أكتوبر. وقال مكتب الإحصاءات أمس السبت إن شخصاً من كل 100 بريطاني أضحى مصاباً بالفايروس منذ أسبوع. ويعني ذلك أن عدد المصابين خلال الأسبوع المنتهي في 23 أكتوبر وصل إلى 568 ألف شخص خلال أسبوع فحسب. وأشار إلى أن 51.900 بريطاني أصيبوا يومياً خلال الأسبوع الماضي. ولم يكن العدد يتجاوز 35 ألفاً قبل أسبوع من ذلك. وحذر من أن التفشي الراهن يشمل جميع الشرائح العمرية، إلى جانب طلاب المدارس الثانوية. وقال علماء جامعة كينغز كوليج أمس الأول إن عدد الإصابات الجديدة في إنجلترا قد يصل إلى 96 ألفاً يومياً. وأضافوا أن معدل التفشي في لندن وحدها قد يتجاوز 3. لكن اللجنة العلمية الحكومية تقول إن معدل التفشي يراوح بين 1.1 و1.3. ومهما كان شأن التضارب في الأرقام والتكهنات، تبقى الحقيقة المُرّة ممثلة بأن معدل التفشي في بريطانيا يفوق 1، وهو دليل على أن الأزمة الصحية تزداد استفحالاً. ولم يستبعد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في مقابلة إذاعية أمس، أن يتم إغلاق بريطانيا بالكامل، على غرار ما حدث الربيع الماضي. وقال عمدة لندن صادق خان إنه لا مناص من اتخاذ قرار بإغلاق العاصمة البريطانية إغلاقاً تاماً، إلى جانب إغلاق بريطانيا بأسرها. ونقلت صحيفة «ديلي ميل» أمس عن مصدر حكومي قوله إن رئيس الوزراء جونسون تلقى تقريراً يحذر من أن جميع أسرة مستشفيات إنجلترا ستصبح مشغولة بمرضى كوفيد-19 بحلول 17 ديسمبر، إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات صارمة الآن. وفي دراسة تبعث الخوف في النفوس، قال مهندس الإغلاق الأول البروفسور نيل فيرجسون أمس إن فايروس كوفيد-19 يقتل 1.15 ممن يصيبهم. وكانت تقديراته في الربيع باحتمال وفاة 500 ألف شخص في بريطانيا حملت الحكومة على إغلاق البلاد في مارس الماضي. وطبقاً لتقديرات فيرجسون الجديدة فإن شخصاً من بين كل 100 مصاب سيُتوفى بالمرض. وكان فيرجسون، وهو عالم أوبئة، قد برز منذ اندلاع وباء إنفلونزا الخنازير، ومرض جنون البقر، ومرض القدم والفم الذي اندلع سنة 2000. وبناء على نصائحه لحكومة رئيس الوزراء العمالي توني بلير تم إحراق ما لا يقل عن 6.5 مليون من رؤوس الماشية. وأصيب فيرجسون بالفايروس في 18 مارس الماضي. ويرى علماء الحكومة البريطانية أنه لا يزال هناك متسع لإتاحة قدر من التخفيف الذي يسمح للسكان بالاحتفال بأعياد الميلاد في 25 ديسمبر القادم، بشرط أن تعمد الحكومة إلى فرض تدبير الإغلاق قبل شهر على الأقل.