علاقة أردوغان مع معظم دول الخليج ليست جيدة، وتشنجه الأخير في كلمة أمام البرلمان التركي يأتي في سياق يبرره، وتعود بداياته إلى الربع الأول لسنة 2018، والنظام في تركيا حاول باستمرار منافسة المملكة على أدوارها الإسلامية، وقد ورثت تركيا الإخوان دور ليبيا القذافي، وأصبحت مركزاً لتصدير التطرف والإرهاب، واستبد جنون العظمة بأردوغان لدرجة لا يمكن تخيلها، ومن تجلياته أنه يعتقد نزول سورة الفتح في فتح إسطنبول، وادعاؤه بأنه كتب قصيدة فيها تلميحات دينية وعذب بسببها في سجن يتريس سنة 1979، والحقيقة أن هذا السجن لم يكن موجوداً قبل 1981. تركيا الإخوانية تحاول استعادة ما فرض على العثمانيين في معاهدة لوزان سنة 1923، بعد هزيمتهم من بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الأولى، على اعتبار أنها ستكون منتهية الصلاحية في 2023، وستعيد رسم خريطة تركيا الكبرى، التي تضم مناطق من سوريا والعراق واليونان، بالإضافة لنصف بلغاريا وقبرص وأرمينيا ومساحات واسعة من جورجيا، ويظهر أن الدراما التركية وأسطرتها للنموذج العثماني، ساهمت في تكريس هلوسات ذهنية في عقول بعض السياسيين الأتراك. 136 دولة انتقدت أنقرة على عمليات التعذيب التي تقوم بها في السجون، وأردوغان أعاد في سنة 2016 عقوبة إعدام عثمانية تعرف بالخازوق، وحجب نظامه في الفترة ما بين عامي 2015 و2019 ما يقرب من 288 ألف موقع على الإنترنت بينها 3 آلاف موقع إخباري، وتركيا متهمة بتنفيذ عمليات تجسس واختطاف ضد أتراك وغربيين يعارضون سياسات أردوغان ويقيمون في منغوليا وكوسوفو وبلغاريا والنمسا. أردوغان مسؤول عن معظم عداواته لأنها من صنعه، وما يحدث معه يدخل في خانة ردود الفعل على أفعاله، والخليج لم يتحامل على تركيا لأسباب غير منطقية، فقد طلب الاتحاد الأوروبي وقف التدخلات التركية في اليونان وليبيا وفي إقليم ناغورنو كراباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، والثانية تدخل ضمن ما يعرف بالأقوام التركية التي تضم إلى جانبها التركمان وكازخستان، وكلهم يتشاركون مع الأتراك في الأصل واللغة والديانة، وأردوغان يفعل الشيء وضده ولا يجد حرجاً في ذلك، فهو يهاجم إسرائيل في المنابر الإعلامية، ومن ثم يقيم تدريباً عسكرياً معها، ويتلفظ على شمعون بيريز في دافوس 2009، ويرسل بعدها وفدا يستعطف إسرائيل ويخطب ودها. لا بد من إعادة التفكير في استمرار الممثليات التركية في الخليج والمنطقة العربية، فمن غير المستبعد أن تكون مكاتب تجنيد للاستخبارات التركية ومراكز تمويل لوكلائها، خصوصاً وأن جماعة الإخوان لها حضور في أكثر من بلد عربي، علاوة على إيقاف الاستثمار والسياحة الخليجية في تركيا بالدرجة الأولى، ومقاطعة المنتجات التركية، وهذه الدعوة التي توجهت بها شخصيات مهمة، تمثل ردا مناسبا للاستفزازات التركية. BaderbinSaud@