ما عاد التستر يجدي، ولم يعد المتسترون في منأى عن الحساب والعقاب تحت طائلة الجرائم الكبيرة، فالقانون يحاصرهم من كل جانب ويضرب على أياديهم بشدة بعدما أعمت المكاسب الآنية بصائرهم، وتصل الغرامات عليهم إلى 5 ملايين والسجن خمس سنوات. كثير من المتسترين لم يدركوا عاقبة أفعالهم إلا بعدما وقعت الفأس على الرأس فاصطدموا بواقعهم حيث لا ينفع الندم.. ويروي بعضهم تورطهم في جرائم جنائية بسبب التستر، وتروي سيدة سعودية عن ورطتها في التستر على أحدهم أنشأ عيادة تجميل باسمها، اعتقادا منها أن الأمر لا يتعدى فرصة استثمارية وربحا سريعا والعمل في مجال يكتب لها الثراء بمقابل بسيط تتلقاه نهاية كل الشهر، وكان المتستر عليه يشترط عليها ألا تتدخل في عمله أو في نوعية نشاطه وما يحصل عليه من ربح. استمرت السيدة في ورطتها حين استقدم المتستر عليه زوجته للعمل كخادمة لها، وتطورت الشراكة الخفية في إنشاء عيادة باسم المتسترة تعمل فيه زوجة الشريك بمهنة الطب فتراكمت الشكاوى على الخادمة الطبيبة من مرضى تضرروا من الأخطاء الطبية التي ارتكبتها الخادمة الطبيبة ليتم ضبطها وتكّشف أن المتستر عليه ربح أموالا طائلة حولها خفية إلى الخارج دون علم المتسترة التي واجهت مشاكل ومسؤوليات أمنية ومجتمعية بعدما هرب شريكها إلى الخارج دون علمها! وفي حالة أخرى، ضبطت المكافحة متسترا وافق على العمل براتب متواضع مع شريكه الأجنبي الذي تحول إلى ثري يسكن في فيلا بالرياض فيما كان المتستر في منزل مستأجر ومتواضع الحال. وأظهرت التحقيقات أن المتستر عليه يمتلك شقة في دبي، والمتستر لا يملك شيئا غير قضية تستر. وتورط آخر في تسليم منشأة تجارية لمقيم مقابل مبلغ 5 آلاف ريال شهريا، وكسب المتستر عليه مبالغ طائلة مقابل عمله في الاستثمار والسمسرة والوساطة ثم فر إلى بلاده ليواجه المتستر مصيره أمام المحاكم. خبير أمني: القانون يحمي المبلغين أكد الخبير الأمني العميد متقاعد صالح زويد الغامدي أن نظام مكافحة التستر التجاري الحديث مكن الجهات الحكومية ذات العلاقة من ضبط جرائم التستر التجاري ومخالفاته، والاستعانة بالتقنية لإثبات جرائم التستر عبر الأدلة الإلكترونية، وحجز ومصادرة الأموال غير المشروعة في النشاط التجاري محل المخالفة بأحكام قضية نهائية. وبين الغامدي أن النظام سهل عمليات التبليغ وحماية هوية بيانات المبلغين وعدم تضمينها في ملف القضية، وتقديم مكافأة للمبلغين بمبلغ مالي يصل إلى 30% من قيمة الغرامة المحصَّلة، كما أقرت تخفيف عقوبة مرتكب الجريمة أو الإعفاء منها عند مبادرته بتقديم الأدلة والتبليغ. وأضاف أن مكافحة التستر التجاري تسهم في زيادة فرص ممارسة العمل التجاري والاستثمار للسعوديين، وفي توفير وظائف للمواطنين. المقاولون وتجار التجزئة على رأس القائمة أوضحت وزارة التجارة أنه تمت إحالة نحو 1835 قضية تستر تجاري إلى النيابة العامة خلال العام الماضي 2019 بزيادة بلغت نحو 53% عن نظيرها في عام 2018. وكشفت أن قطاعي المقاولات العامة وتجار التجزئة هم أصحاب نصيب الأسد من البلاغات، وتعددت حالات التشهير التجاري 17 حالة خلال أول 40 يوما في العام الحالي ومنها المخالفة لأنظمة التخفيضات التجارية، وكذا بعض الحالات الخاصة بالتستر التجاري. التجارة: سيدات لا يعلمن ماذا يدار بسجلاتهن التجارية ؟ أكد المتحدث باسم وزارة التجارة عبدالرحمن الحسين أن 40% من جرائم التستر التجاري تتورط فيها سيدات لا يعلمن ما يحدث في سجلاتهن التجارية. وأضاف أن المتستر عليه يحصل على سجل تجاري باسم المواطنة دون علمها ولا تعلم مَن يبرم العقود ومَن يتعامل معها. وشدد الحسين على ضرورة التأكد من طبيعة التعاملات التجارية والحرص فيها، ولا بد على كل مَن يصدر له سجل تجاري أن يباشر عمله بنفسه، وأن يكون على اطلاع بكل تفاصيل العقود والعمليات التجارية والشيكات، والعمالة في المنشأة. محامي: هؤلاء لا يشملهم الإعفاء أكد المحامي والمستشار القانوني أحمد المالكي أن وزارة التجارة أصدرت أخيرا، نظام مكافحة التستر الجديد، الذي يتضمن إعفاء مَنْ يتقدم خلال (180) يومًا إلى وزارة التجارة بطلب تصحيح أوضاعه من العقوبات، ومن دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي، على ألا يشمل الإعفاء مَنْ ارتكب ابتداءً مخالفة في ظل نظام مكافحة التستر، ومن ضبطت مخالفة أو جريمة وقعت منه، ومَن أُحيل إلى النيابة العامة، أو المحكمة المختصة. وأضاف المالكي ان التجارة حددت 6 أشهر لبدء تطبيق النظام الذي يحتوي 20 مادة، تصل عقوبة المخالفين إلى السجن لمدة لا تزيد على (5) سنوات وبغرامة لا تزيد على (5) ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، على أن يُراعى عند تحديد العقوبة حجم النشاط الاقتصادي محل الجريمة، وإيراداته، ومدة مزاولة النشاط، والآثار المترتبة على الجريمة. وزاد أنه وفقًا للنظام، يُعدّ جريمة يعاقب عليها النظام قيام شخص بتمكين غير السعودي من أن يمارس، لحسابه الخاص، نشاطًا اقتصاديًّا في المملكة غير مرخّص له بممارسته، ويشمل ذلك تمكينه غير السعودي من استعمال اسمه، أو الترخيص أو الموافقة الصادرة له، أو سجله التجاري، أو اسمه التجاري، أو نحو ذلك، كذلك قيام غير السعودي بممارسة نشاط اقتصادي لحسابه الخاص في المملكة غير مرخص له بممارسته، وذلك من خلال الشخص الممكّن له. وشدد على أنه يُعد شريكًا في الجريمة كل مَنْ حرّض أو ساعد أو قدّم المشورة في ارتكابها، مع علمه بذلك متى ما تمت الجريمة أو استمرت بناءً على هذا التحريض أو المساعدة أو المشورة، إضافة إلى عرقلة أو منع ممارسة المكلفين بتنفيذ أحكام النظام من أداء واجباتهم بأي وسيلة، بما في ذلك عدم الإفصاح عن المعلومات، أو تقديم معلومات غير صحيحة أو مضللة. و أوضح المالكي أنه حسب اللائحة والنظام، يُعدّ مخالفة يعاقب عليها النظام قيام أي منشأة بمنح غير السعودي بصورة غير نظامية أدوات تؤدي إلى التصرف على نحو مطلق في المنشأة، وحيازة أو استخدام غير السعودي بصورة غير نظامية لأدوات تؤدي إلى التصرف على نحو مطلق في المنشأة، واستخدام المنشأة في تعاملاتها الخاصة بنشاطها الاقتصادي حسابًا بنكيًا آخر غير عائد لها.