المسبار يحقق حُلم زايد ويحمل آمال العرب في مستقبل أكثر إشراقاً نعمل على توفير أول دراسة شاملة عن مناخ المريخ والإجابة في عام 2021 جائحة كورونا استدعت إعادة النظر في جميع الخطط ودراستها وفق الظروف دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة عالم الفضاء بإنجاز تاريخي غير مسبوق على مستوى العالم العربي والمنطقة، من خلال الإطلاق الناجح ل«مسبار الأمل» ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، متسلحة بحلم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وطموحات وآمال الشباب الإماراتيين والعرب، لتكون بذلك أول مهمة فضائية فعلية لاستكشاف الكوكب الأحمر تقودها دولة عربية. ويهدف «مسبار الأمل» إلى توفير معلومات جديدة عن الأنماط المناخية للمريخ، ما يشكل فرصة لإحداث ثورة في المعلومات والبيانات عن الغلاف الجوي الكلي للمريخ لتوظيفها في خدمة البشرية وتعزيز مسيرة التنمية العالمية. وحاورت «عكاظ» سارة يوسف الأميري وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة رئيسة وكالة الإمارات للفضاء، وسلطت الضوء على مشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ من حيث الأهداف والتحديات وكيفية تحويل الحلم إلى واقع وحقيقة والرسالة التي يحملها المسبار لخير الإنسانية وبناء مستقبل أفضل للجميع. حلم زايد • كيف تمكنت الإمارات من تحويل حلم استكشاف المريخ إلى حقيقة؟ •• شكلت مبادرة إرسال أول مسبار عربي لكوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي التي أعلن عنها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قبل ست سنوات، في رحلة استكشافية علمية، خارطة طريق للشباب الإماراتي ومحفزاً لخوض هذه المهمة وتجاوز جميع التحديات التي واجهتهم في جميع المراحل، لتصبح دولة الإمارات واحدة من بين تسع دول فقط تطمح إلى استكشاف هذا الكوكب، وبذلك يحقق المسبار حُلم زايد، ويحمل آمال العرب في مستقبل أكثر إشراقاً. وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن مشروع الإمارات للمريخ رسالة أمل للشباب العربي، ولا مستقبل ولا إنجاز ولا حياة من دون الأمل، وأنه «استثمار إستراتيجي في الإنسان، والاستثمار في الإنسان هو استثمار رابح، والاستثمار في العلم والمعرفة سترى نتيجته أجيال كثيرة قادمة». وشكل الدعم الكبير من قيادة دولة الإمارات لأعضاء فريق عمل المشروع من المهندسين والشباب الإماراتي دافعاً رئيسياً لبذل المزيد من الجهد والعمل المتواصل دون كلل أو ملل لتحقيق هذا الإنجاز والوصول إلى هذه المرحلة المهمة من المشروع، ما ساعد الفريق في التغلب على العديد من التحديات التي واجهته خلال 6 سنوات وتحويل الحلم إلى حقيقة وواقع ملموس. • ما الأسباب التي دفعت الإمارات إلى استكشاف الفضاء؟ •• توظيف العلوم والبحث العلمي في تعزيز مسيرة التنمية وبناء قدرات شباب دولة الإمارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا أبرز الدوافع لاستكشاف الإمارات للفضاء، إضافة إلى ترسيخ مساهمة الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية وعلوم الفضاء، وتأسيس اقتصاد مستدام مبني على المعرفة يعزز من مكانة الدولة وريادتها العالمية. دراسة نادرة • حدثينا عن أهم أهداف «مسبار الأمل»؟•• يهدف إلى توفير أول دراسة شاملة عن مناخ كوكب المريخ وطبقات غلافه الجوي المختلفة، وعندما يصل إلى الكوكب الأحمر عام 2021 سيساعد المسبار في الإجابة عن أسئلة علمية رئيسية حول الغلاف الجوي للمريخ، كما أنه سيوفر صورة متكاملة للغلاف الجوي للكوكب وفهم أعمق لسبب تآكل الغلاف الجوي المرتبط بالتغييرات المناخية، إضافة إلى تزويد العلماء ببيانات واكتشافات علمية تسلط الضوء على أسباب تغيير الكوكب الأحمر من كوكب رطب مثل الأرض إلى كوكب جاف. كما أنه يعمل على دراسة التغييرات الجوية في كوكب المريخ في كل الأوقات وخلال كافة الفصول والوصول إلى فهم العناصر الأساسية لجو المريخ، وذلك من خلال رصد حركة بخار الماء والغبار والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للمريخ، ودراسة هروب الهيدروجين والأكسجين من الغلاف الجوي للمريخ، وفهم دور تغير حركة الغبار ودرجات الحرارة وبخار الماء على تآكل الغلاف الجوي، فيما يحمل مسبار الأمل 3 أجهزة علمية دقيقة لجمع أكثر من 1000 غيغابايت من البينات العلمية وهي: مقياس طيفي بالأشعة تحت الحمراء، وكاميرا رقمية للاستكشاف، ومقياس طيفي بالأشعة فوق البنفسجية. صياغة المستقبل • كيف تسهم المبادرات العلمية التي تطلقها الإمارات في تعزيز العمل العربي لتطوير علوم الفضاء؟ •• تعمل الإمارات على إطلاق البرامج والمبادرات العلمية وإقامة الشراكات التي تسهم في تعزيز البحث العلمي، باعتباره ركيزة أساسية ومهمة في صياغة المستقبل، من خلال بناء القدرات والكفاءات البشرية العربية في مجال علوم الفضاء، عبر تبادل الخبرات والعلوم والمعارف وتأهيلها وتشجيعها لدراسة هذا القطاع الحيوي والمهم والدخول فيه بما يعود بالنفع على منطقتنا العربية والعالم. كما تحرص على تطوير المعرفة والاستفادة من التطور العلمي المتسارع في مختلف المجالات وتهيئة جيل من العلماء والباحثين الإماراتيين والعرب من خلال البرامج المختلفة لإعداد قاعدة وطنية من علماء وخبراء متخصصين في مختلف المجالات الحيوية للنهوض بأمتنا العربية وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة، ما يؤسس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة ويشجع الابتكار للارتقاء بمكانة دولة الإمارات في مجال استكشاف وعلوم الفضاء، ويرسخ مساهمتها في الاكتشافات العلمية لخدمة الإنسانية والمجتمع العلمي. كما تحرص الإمارات على دعم تطوير برنامج فضائي وطني قوي وبناء موارد بشرية إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية، التي تعود بالنفع على الإمارات والبشرية جمعاء. تنسيق سعودي - إماراتي • شهد المسبار تغطية كبيرة ومتابعة من مختلف وسائل الإعلام.. ما أهمية الإعلام في إبراز الآفاق العلمية للمشروع؟ •• الإعلام شريك رئيسي في نشر ثقافة العلوم والتكنولوجيا، ولعب دوراً محورياً في تغطية رحلة المسبار منذ أن كان فكرة مروراً بالتعريف بأهداف ومهمات المشروع وحتى ما بعد عملية الإطلاق، كما أسهم في تسليط الضوء على أهمية دخول الدولة مجال علوم وأبحاث الفضاء والتطور الذي حققته الإمارات في هذا المجال، حيث أصبحت الإمارات من الدول الأكثر تقدماً في قطاع الصناعات الفضائية ما يعزز من مكانتها وريادتها العالمية. • كيف تسهم مذكرات التعاون والاتفاقيات بين الإمارات والمملكة في خلق فرص جديدة لتمكين الشباب الإماراتي والسعودي في مجال الفضاء؟ •• تستند العلاقات القوية والإستراتيجية بين الإمارات والمملكة على أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المستقبلية الواضحة تجاه مختلف القضايا المشتركة، ما يسهم في دعم مصالح الشعبين الشقيقين، وقد عزز هذه العلاقات إنشاء «مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي»، الذي يهدف إلى خلق فرص جديدة، تُسهم في تطوير البلدين اقتصادياً وبشرياً ومعرفياً استكمالاً للجهود التنموية، من خلال تفعيل البرامج والخطط الطموحة للتطوير والتنمية وتعميقها بما يسهم في تطوير رأس المال البشري وبناء منظومة بحثية تعليمية رائدة تركز على الفرص في مجالات التعليم والأبحاث والدراسات التي ترتقي بكفاءة الكوادر البشرية الشابة في مختلف المجالات خصوصاً في قطاع الفضاء، لإيجاد حلول مبتكرة وفعالة للتحديات وخلق فرص جديدة تسهم في بناء اقتصاد معرفي ومستدام يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين. مهندسو المسبار وجائحة كورونا وحول كيفية مواجهة فريق المسبار تحديات جائحة كورونا أوضحت وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات سارة الأميري أن الفريق واجه مجموعة من التحديات نتيجة للظروف الطارئة التي فرضها انتشار فايروس كورونا المستجد، بداية من إغلاق المدن والدول حول العالم، حتى إغلاق الحدود ووقف حركة الطيران وغيرها، وكان موضوع نقل مسبار الأمل من الإمارات إلى اليابان مدروساً بعناية ودقة وتم التخطيط لعملية النقل منذ أكثر من سنة، إلا أن جائحة كورونا استدعت إعادة النظر في جميع الخطط ودراستها وفق الظروف الحالية، وقبل الوقت المحدد، للالتزام بالخطة الزمنية المحددة لعملية الإطلاق. عملية نقل المسبار من الإمارات إلى اليابان كانت التحدي الأكبر وتطلبت سفر 8 مهندسين مسبقاً للدخول في الحجر الصحي في اليابان، إضافة إلى 6 مهندسين سافروا على متن طائرة النقل لضمان سلامة المسبار في الطائرة ومن ثم دخلوا الحجر الصحي، وتمت العملية وفق خطط الجدول الزمني المعتمدة، في رحلة امتدت لأكثر من 83 ساعة براً وجواً وبحراً، حتى وصوله إلى جزيرة تانيغاشيما بعد ثلاث مراحل نقل رئيسية في الجو والبحر والبر، انطوت على تدابير علمية وإجراءات لوجستية بالغة الدقة. 200 مهندس و60 ألف طالب ومعلم وطبقاً لسارة الأميري شارك في المشروع 200 مهندس ومهندسة وباحث وباحثة من أبناء وبنات دولة الإمارات لتحقيق منجزات جديدة في الكفاءة والتصميم، وتم إشراك أكثر من 60 ألف طالب ومعلم وأكاديمي في البرامج التثقيفية والتعليمية التي عمل عليها الفريق. والفريق البحثي أنجز نحو 200 تصميم تكنولوجي علمي جديد ضمن مشروع المسبار، وساهمت الابتكارات في إدارة المشروع وتطوير المسبار بتكلفة لم تتجاوز 200 مليون دولار، وتمثل فقط ثلث التكلفة للمشاريع الأخرى، كما تم تصنيع أكثر من 66 قطعة ميكانيكية لمسبار الأمل على أرض الإمارات، وهو ما يعكس جهود الإمارات في البدء برفع كفاءة الصناعات الوطنية وتوطين الصناعات الفضائية. كما نشر فريق عمل المسبار الذي تشكل الإناث فيه 34% نحو 51 ورقة بحثية، ضمن مشروع مشترك بين باحثين وطلاب وعلماء في الإمارات والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا، وتم تعزيز هذا التوجه من خلال تأسيس 6 برامج جامعية في علوم الفضاء بالإمارات، كما استطاع الفريق تحقيق الإنجاز في 6 سنوات للتطوير بدل من 10، ما يعكس قوة الإرادة والعزم والإصرار التي تحلى بها الفريق لإنجاز المطلوب.