كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية وفطرتهم، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع بزوغ نجم الدين الإسلامي واتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فأصبحت جزءاً من المجتمع العربي، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يداخلها ويخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومنهم: أبو القاسم، عمر بن ثابت الثمانيني النحوي؛ كان عالماً بالنحو عارفاً بقوانينه، والثمانيني نسبة إلى ثمانين، وهي قرية قرب جبل الجودي، يقال إنها أول قرية بنيت بعد الطوفان، وسميت بعدد الجماعة الذين خرجوا من السفينة مع نوح، فإنهم كانوا ثمانين وبنى كل واحد منهم بيتاً، فسميت القرية ثمانين، توفي في ذي القعدة سنة 442 ه. له كتاب «اللمع»، كتاب نحوي شرح فيه الثمانيني كتاب «اللمع»، وقد حقق هذا الشرح الدكتور فتحي علي حسنين ونال به درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر عام 1401ه وطبع أخيراً في القاهرة، وله أيضاً كتاب «التصريف»؛ فهو كتاب صرفي بحت تناول فيه الثمانيني كتاب شيخه «التصريف الملوكي» فشرحه، وقد حققه الدكتور إبراهيم بن سليمان البعيمي ونال به درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية عام 1414ه وطبعته مكتبة الرشد عام 1419ه.