أثبتت الأحداث المتوالية هشاشة غالبية مشاهير السوشال ميديا وعدم استنادهم على أسس قوية وواضحة، تساعدهم على الاستمرار طويلا، وأظهرت الظروف المحيطة بهم أنهم طارئون لا يقوون على الصمود أمام أي حدث يعيشونه، ويتلاشون سريعا كالفقاعات، إذ كشفت دراسة أجريت في نوفمبر الماضي مقاطعة 79% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية والإمارات نجوم السوشال ميديا ممن يسمون «المؤثرون في المجتمع»، بسبب كثرة المنشورات الترويجية، وافتقادهم المصداقية. وأكد استطلاع أجرته مجموعتا «BPG» و«YouGov» بمشاركة 1000 من سكان البلدين، تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، أن آراء المستخدمين في مشاهير التواصل تأثرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، إذ أظهرت النتائج أن 59% منهم أصبحوا أقل ثقة في المنتجات التي يتلقى النجوم أجرا للترويج لها. فيما تمكّن 73% من المستخدمين من تمييز ما إذا كان النجم يتلقى أجرا أم لا، من أسلوب حديثه عن المنتج. وعرّت جائحة كورونا كثيرا من «المشاهير»، إثر تواريهم وعدم تقديمهم ما هو مفيد لهذا الوضع، رغم أنهم يمتلكون ملايين المتابعين، بل استمر بعضهم في الترويج للمنتجات التي تعوض ما فقدوه من أموال، في ظل توقف السفر والسياحة والفنادق والمراكز التجارية في بعض البلدان. واعتبر البعض أن أزمة كورونا كشفت حقيقة كثير من «الفاشينيستات» و«المؤثرين» ومدى ثقافتهم السطحية، وقال أحد المغردين في «تويتر»: «انهار سوق المشاهير مع الإجراءات الاحترازية بمنع السفر والمهرجانات وأسواق التمور والزواجات وعروض الموضة، وانكشفت ثقافتهم الهشة وقت الشدة، فلا سمعنا لهم صوتاً مؤثراً ولم نرهم في الميدان». وجاء اتهام عدد من مشاهير الخليج بجريمة غسل الأموال أخيرا وتجميد حساباتهم، كالضربة القاصمة، لتقضي على ما تبقى لأولئك الذين يعرفون ب«المؤثرين». وأثار مشاهير السوشال ميديا في الخليج عموما والسعودية خصوصا كثيرا من الجدل، لانتشارهم السريع بين العامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة والمثيرة والأكثر استخداماً في جميع أنحاء العالم، بتقديم غالبيتهم محتوى هزيلا فارغا من المضمون، وقلة منهم من حرص على تقديم الفقرات الجادة والهادفة. وتصدر أولئك المشاهير الجدد ومنهم أطفال، المشهد المجتمعي على حساب الإعلام الرصين، وباتوا هدفا لكل من أراد الإعلان والترويج لسلعته، حتى أننا رأينا منهم من يتسلق على مهنة الإعلام ويصف نفسه بالإعلامي الأول في إعلاناته عن أنشطته، رغم أنه لا تربطه بالمهنة أي صلة، ولا يقدم سوى محتوى ضحل، أو إعلان مخفي لمنتج أو مطعم أو متجر. وفي الوقت الذي يرى البعض أن غالبية المشاهير الجدد يمثلون ظاهرة إنسانية مغايرة لم تعهدها المجتمعات من قبل، واستطاعوا أن يكسروا كل قواعد ومراحل عالم الشهرة والأضواء والمال الذي كان عادة لا يسمح بالظهور والبروز إلا وفق ضوابط وآليات تقليدية رسخها المجتمع، اعتبرهم آخرون حقيقة ماثلة لا يمكن إنكارها، وما يُقدمه بعضهم من خدمات ومبادرات إنسانية ملهمة تستحق الإعجاب والفخر، رافضا محاولة التقليل من شأنهم، مطالبا في الوقت ذاته منهم التحلي بالمسؤولية والوعي والأمانة والصدق في ما يتم تداوله من تغريداتهم ولقطاتهم وفيديوهاتهم، خصوصا أنه يلقى أصداء واسعة من عشاقهم ومتابعيهم في كل البيوت والمدارس والمكاتب. وشدد عدد من المهتمين على أهمية ألا يشكل الثراء والشهرة عائقا لقبول المشاهير في المجتمع، طالما أنهم يعملون وفق الضوابط والقوانين والأعراف، مقترحين تسخير مواقعهم ومنصاتهم وقنواتهم بشكل يُفيد الجميع، عبر نشر وترسيخ القيم الأصيلة التي تُسهم في تنمية ونهضة المجتمع. بينما رأى البعض أن غالبية المشاهير الجدد سطحيون يفتقدون للثقافة واللباقة التي تؤهلهم لمخاطبة المجتمع بطريقة لائقة وفاعلة، ولا يمتلكون من الإمكانات سوى الظهور في وسائل التواصل الاجتماعي بمفارقات غريبة، وربما تكون جريئة خالية من المضمون الهادف، بل إن بعضهم دائما ما يقع في أخطاء سواء بقول أو فعل منافٍ للذوق العام، ما يعرضهم للمساءلة من قبل الجهات المختصة.