هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومؤسسة الفكر العربي كانتا رائدتين في الحفاظ على المستوى النخبوي لأنشطتهما الثقافية واستحداث أنشطة ثقافية لشرائح المجتمع المختلفة، فالأولى عملت على توزيع حقائب عن الطاقة البديلة لطلاب التعليم العام في أبو ظبي، أما الثانية فأسست ملتقى سنويا لشباب فكر ووقعت اتفاقية تعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت ومشاريع أخرى تربوية، فخروجهما عن نخبويتهما يؤكد ما تعيه هاتان المؤسستان من تحولات في بنية التأثير حول العالم، فالنخب لم تعد وسيلة التنوير والتطوير للمجتمعات وهذا يقود إلى تساؤل ماذا ستقدم الأندية الأدبية السعودية كأنشطة نوعية لعامة المجتمع؟ الأندية الأدبية تسلمت دعما سخيا من خادم الحرمين الشريفين يقدر بعشرة ملايين ريال لكل ناد أدبي ما يعني 160 مليون ريال كإجمالي، وهذه المبالغ كفيلة بتغيير خريطة الوعي لدى عامة المجتمع على مراحل. نقطة البدء الرئيسية تكمن في استشعار خطر الخبر المنشور في صحيفة المدينة بتاريخ 5 / 5 / 2011 م والذي يؤكد أن 55 % من الأسر لا تحث أبناءها على القراءة من خارج الكتاب المدرسي، ما يعني أن تغيير توجهات المجتمع حيال العلم والفكر والثقافة هي نقطة البدء، فالمرحلة الأولى أن تقوم الأندية الأدبية بإعداد مهرجانات ثقافية سنوية للأسر تحتوي على معارض للكتب ومسرحيات للأطفال إضافة إلى عروض ومحاضرات تنمي الوعي باستكشاف وتنمية مواهب أبنائهم وبناتهم وتنمية روح الابتكار في الأسر حتى يمكن تطوير طرق التربية وبالتالي صناعة جيل من الرواد القادر على نقل المملكة إلى مصاف العالم المتقدم خلال عقد أو عقدين من الزمان نتيجة لتغيير توجهات الأسر التربوية، ومن ناحية أخرى على الأندية الأدبية إطلاق مبادرة الكتاب المخفض بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام لتوفير كتب نوعية بأسعار زهيدة التكلفة وفي نفس الوقت يتم إعداد تحالفات بين الأندية الأدبية لتطوير حركة التأليف والنشر في المملكة، بحيث يقوم التحالف على تأسيس دار للترجمة النوعية قادرة على ترجمة الكتب الثقافية والمعرفية والأدبية وكتب السير للرواد في مجالات الثقافة والفنون والمعارف من خلال التعاون مع دور نشر عالمية بحيث يتم استقطاع جزء من مبلغ الدعم الموجه لكل ناد أدبي وبحث إمكانية الحصول على تمويل إضافي من رجال الأعمال بحيث تأخذ دار النشر بعين الاعتبار إضافة إلى إنتاج الكتاب الورقي إنتاج كتب إلكترونية ومسموعة ومن ثم يتم التعاون مع الجامعات من أجل تأمين كمية من المبيعات للجامعات ولوزارة الثقافة الإعلام كذلك وتوفير الكتب المترجمة للأسر بأسعار تشجيعية لتطوير وعي المجتمع والارتقاء بمستوى النخب. المطلوب الآن من الأندية الأدبية تحديد أهداف سنوية تثقيفية لعامة المجتمع بحيث تقوم بدورها في رفع الوعي من ناحية ومن ناحية أخرى تخصيص جزء من مبلغ الدعم في استثمارات منخفضة المخاطر حتى يتسنى تحقيق عائد سنوي على الاستثمار يمكن الأندية الأدبية من توفير مصادر دخل ثابتة ويوصلها إلى مستوى التمويل الذاتي لأنشطتها أو التوسع في أنشطتها الثقافية النخبوية ولعامة المجتمع، فدور الأندية الأدبية من وجهة نظري لا يكتفي بعقد محاضرات ونشر الكتب والمجلات فحسب، بل تلمس مواطن القصور في الوعي الثقافي والفكري في المجتمع وتنميته حتى ننجح في رسم معالم الإنسان القادر على صناعة جيل النهضة. نقلا عن عكاظ