إلى أبعد من فتح صنبور المياه، وانهمار مائه العذب داخل المنازل، وإلى أقرب من أن يكون عصب الحياة مستداماً للسعوديين والمقيمين على الأرض الطيبة، يأخذ البعد الثالث في الخطة التنفيذية لبرنامج التحول الوطني على عاتقه ضمان استدامة الموارد الحيوية للسعوديين، محددا في «استدامة الموارد المائية» تحدياً إلى جوار تحدياته ال 3 الأخرى: «الأخطار الطبيعية على البيئة، الأخطار المهددة للحياة الفطرية، الأمن الغذائي وجاهزية الموارد الحيوية». ويتطلب التغلب على التحديات ال 4 في البعد الثالث تحديد أهداف إستراتيجية لتوفير اليد العاملة وتعزيز القدرات الوطنية لإدارة الأزمات بفاعلية، في وقت يعد أمن إمداد المياه أحد الأهداف الرئيسية للإستراتيجية الوطنية للمياه، ويتمثل في ضمان الوصول المستمر إلى كميات كافية من المياه المؤمنة في الحالات العادية وفي حالات الطوارئ. وأكملت وزارة البيئة والمياه والزراعة وثيقة الإمداد والطلب على المياه للقطاع الحضري لكافة محافظات ومدن ومراكز المملكة، وترتكز على عدة مرتكزات، منها استمرارية الإمداد وجودة المياه وتنوع المصادر، حيث يتوفر لأغلب المدن في المملكة بدائل للإمداد من مياه التحلية أو المياه الجوفية إضافة إلى المياه السطحية في بعضها، من مياه التحلية أو المياه الجوفية إضافة إلى المياه السطحية في بعضها. تماشيًا مع أهداف رؤية 2030 الطموحة، يسعى برنامج التحول الوطني بقيادة وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى تحقيق استفادة مستدامة للموارد المائية من خلال إدارة متكاملة للموارد المائية المتجددة وغير المتجددة للاستفادة منها بطريقة مستدامة، بما يشمل التخطيط لتنمية مصادرها والاستخدام الفعّال لها، وتعظيم الفائدة من استخدام المياه المعالجة والمُعاد تدويرها. تطوير وزارة البيئة والمياه والزراعة إطارا مرجعيا موحَّدا لقطاع المياه يتمثل في إستراتيجية شاملة للمياه تعمل على دمج التوجهات والسياسات والتشريعات والممارسات في قطاع المياه على المستوى الوطني لتحقيق رؤية القطاع المتمثلة في «قطاع مياه مستدام ينمي الموارد المائية ويحافظ عليها ويصون البيئة ويوفر إمدادا آمنا وخدمات عالية الجودة والكفاءة تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية». ويُعد نظام المياه أحد برامج الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030 المعتمدة بقرار مجلس الوزراء وأحد أبرز الممكنات لتحقيق أهداف الإستراتيجية المتمثل في تحديث وتطوير الأنظمة والتشريعات في قطاع المياه. «التحلية».. قصة نجاح سعودية تمكنت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة من تحقيق إنجاز غير مسبوق برفع إنتاجها الكلي من المياه المحلاة من 3.5 مليون م3 إلى 5.6 مليون م3 يوميًّا باستخدام ذات أصول الإنتاج، والرفع من كفاءة إجراءات التشغيل والصيانة وكفاءة المعدات دون تكاليف إضافية ممَّا أدَّى إلى خفض تكلفة التشغيل المباشر في محطات المؤسسة، إضافة إلى نقل المياه المنتجة من منظومة نقل المياه التابعة لها بمجموع أطوال أنابيب يبلغ حوالى 8000 كم. وأولت المؤسسة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة أهمية خاصة في مواسم الحج والذروة برفع معدل ضخ المياه المحلاة لمكة المكرمة والمشاعر من 700000م3 يومياً إلى 1030000م3 يومياً، وللمدينة المنورة من 450000م3 يومياً إلى 650000م3 يومياً. وعمدت إلى تحقيق وفر خلال السنوات ال10 القادمة بتحسين الاستفادة من الأصول، والبدء في تنفيذ مشاريع استبدال خمس محطات حرارية، من المتوقع أن تحقق وفرًا في الوقود تصل قيمته إلى حوالى 48 مليار ريال، وتشغيل المحطات الصغيرة الجديدة التي ستحقق وفرًا تصل قيمته إلى حوالى 3 مليارات ريال، وتحقيق توفير في الميزانية تصل قيمته إلى حوالى 13 مليارا بسبب إيقاف استخدام وقود الديزل، وتحقيق توفير في المصروفات يصل إلى حوالى 52 مليارا وذلك بتحويل استخدام زيت الوقود السائل إلى الغاز الجاف. ونفذ معهد الأبحاث وتقنيات التحلية العديد من الدراسات البحثية لتطبيق تقنيات جديدة، وتطوير التقنيات الحالية، وتحسين الاستفادة من المنتجات الثانوية لإنتاج المياه، وتسجيل عدة براءات اختراع عالمية، إذ يُتوقع أن يصل الوفر والإيرادات المتحققة منها حوالى 29 مليارا خلال السنوات ال10 القادمة. تجدر الإشارة إلى حصول المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة على شهادتي موسوعة «غينيس» لعام 2019 بوصفها أكبر منشأة منتجة للمياه المحلاة في العالم بحجم إنتاج يبلغ 5.6 مليون م3 يوميًّا. وأكبر محطة إنتاج للمياه المحلاة في العالم لمحطة تحلية الجبيل التي تنتج 1.4 مليون م3 يوميًّا. تعزيز مصادر المياه يسعى برنامج التحول الوطني من خلال وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى تعزيز ودعم أمن إمدادات مياه الشرب في مختلف مناطق المملكة بزيادة مساهمة المياه الجوفية في توفير مياه الشرب من 3 ملايين متر مكعب إلى 3.5 مليون متر مكعب أي بزيادة مقدراها 540 ألف متر مكعب في اليوم من خلال حقول الآبار الشاملة التي يجري تنفيذها لتصل مساهمتها إلى حوالى 40% من إجمالي إمداد مياه الشرب في المملكة. ولتعزيز مصادر المياه السطحية وتعظيم الاستفادة من مياه السيول يجري تنفيذ 31 سدا بسعة تخزينية تبلغ 0.27 مليار متر مكعب ليصل عدد السدود في المملكة إلى 552 سدا بطاقة تخزينية تصل إلى 2.75 مليار متر مكعب، كما سيتم إنشاء ألف سد إضافي بطاقة تخزينية تبلغ 1.55 مليار متر مكعب. وتساهم السدود القائمة في توفير ما يقارب 700 ألف متر مكعب في اليوم من مياه الشرب إضافة إلى مساهمتها في توفير المياه للأغراض الزراعية ودرء مخاطر السيول والفيضانات وفق خطط تشغيلية تضمن الاستفادة القصوى من المياه المحتجزة خلف هذه السدود. وبهدف الاستفادة من المياه المتجددة (الأمطار والسيول) وتقدير معدلات وكميات الجريان السطحي الواردة من السيول ومراقبة التغير في مستويات المياه الجوفية، يتم إجراء رصد هيدرولوجي يومي لمعدلات الأمطار وكميات السيول، وقياس التغير في مستويات المياه الجوفية من خلال شبكة رصد هيدرولوجية موسعة تتجاوز ألف محطة قياس تغطي كافة مناطق المملكة. استخدام المياه المجددة سعيًا للاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة، فقد تم إدخال محطات جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي بسعة 631 ألف متر مكعب في اليوم، ورفع المتوسط اليومي لكميات مياه الصرف الصحي المجمعة والمعالجة إلى 5.1 مليون متر مكعب يوميًّا، وارتفاع نسبة كميات المياه المعالجة المعاد استخدامها إلى 17.7% بنهاية مايو 2020. ولتقليل الأثر البيئي، أغلقت شركة المياه الوطنية 87 مرمى في مختلف مناطق المملكة وتقليل نسبة مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى 2.31% في نهاية مايو 2020، مع استمرار التحسن في الالتزام تجاه البيئة بإغلاق 83 مرمى صرف صحي حتى تاريخه. ومن جانب آخر، فقد شكلت المياه المجدَّدة ما نسبته 76% من مياه الري المستخدمة في مشاريع المؤسسة العامة للري ممَّا ينعكس إيجابًا على استدامة الموارد المائية، إذ تسعى وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال مبادرات برنامج التحول الوطني إلى رفع نسبة إعادة استخدام المياه المجددة للأغراض الزراعية والصناعية والتعدينية والبيئية من 17% إلى أكثر من 75% بحلول عام 2030. ولأهمية المحافظة على المياه عملت الشركة مع هيئة المواصفات والمقاييس على اعتماد لائحة المواصفات للأدوات الصحية المرشدة وإصدار بطاقة ترشيد الاستهلاك والعمل مع الجمارك السعودية على تطبيق اللائحة، وكذلك العمل مع وزارة التجارة للتأكد من الالتزام باستخدام بطاقة كفاءة الترشيد ووجودها في المنتج، مما ساهم في زيادة توفر الأدوات المرشدة في السوق من 15% إلى 40% وفق تقرير الجولات الرقابية لوزارة التجارة، وكذلك تأهيل 200 شركة معتمدة للأدوات الصحية المرشدة لدى هيئة الموصفات والمقاييس وإصدار 7133 ترخيصا لاستخدام بطاقة ترشيد الاستهلاك، إضافة إلى تأهيل 8 تحالفات مستقبلية بين شركات عالمية وشركات وطنية للمنافسة على عقود إدارة تشغيل قطاع التوزيع في تجمعات وقطاعات المياه الستة في جميع مناطق المملكة.