مضى على تعيين معالي الدكتور ماجد القصبي 100 يوم كوزير للإعلام مكلف، بجانب احتفاظه بحقيبة وزارية ثانية هي وزارة التجارة، بالتأكيد أن التحولات النوعية التي رأيناها في أداء وزارة التجارة خاصة في ظل جائحة كورونا كانت مبهرةً وفخراً لكلِّ مواطنٍ ومواطنةٍ، خصوصاً في تجربتها في تعزيز مفهوم الأمن الغذائي في زمن الجوائح، وتوازى معها بالتأكيد أداء إعلامي رسمي ناضج وشفاف وتنافسي في تغطية الأحداث، رأينا برامج وتغطيات ومعالجات نوعية مستمرة، والأجمل أننا رأينا ثقة المواطن السعودي في الإعلام الرسمي والصحف في تلقي المعلومات المتعلقة بالوباء أولاً بأول، بجانب تفاعل مستمر من وسائل التواصل الاجتماعي، لن أناقش هنا هذه الجهود بشكلٍ مفصلٍ إنما التقدير حقٌّ لمن يجتهد، ولا يتحقق النقد الإيجابي إلا بذكر المحاسن قبل المشاكل التي أرى أننا نسير في الطريق الصحيح لحلها، وأعني هنا الإشكالات الإعلامية العتيدة. قبل هذا من المهم أن يعرف القارئ أن بداية نشأة وزارة الإعلام جاءت من صميم إيمان قادة الوطن -حفظهم الله- عبر التاريخ بحرية التعبير وأهمية الإعلام في الرد على الأعداء ولجم الأصوات المغرضة وتفنيد أكاذيبهم، أُنشئت الإذاعة ثم الصحافة والتلفاز، وكانت هناك هيئات متفرقة ثم حظيت تلك الهيئات باستقلالية. وتعاقب على الوزارة حتى اللحظة أكثر من ثلاثة عشر وزيراً، قدموا لوطنهم الجهد، ومهدوا الطريق لمن تبعوهم، تنوعت البرامج والأسماء والأفكار وترك كل منهم بصمته المميزة، ولعل المتلقي الآن ينتظر المرحلة القادمة وملامحها وكيف سيكون الإعلام أكثر تأثيراً سواءً داخلياً أو خارجياً. لا يخفى على المسؤول أن هناك ما يشبه «أزمة ثقة» بين البعض والإعلام في الأعوام الماضية، وهي أزمة واضحة تسببت بها ترسبات الصحوة من جهة، وغياب التفاعل المباشر بين وزارة الإعلام والجمهور المستفيد من جهة أخرى. وعندما قال معالي الوزير المكلف ماجد القصبي في أول لقاء مع مسؤولي الوزارة: «أداؤكم غير مرضٍ»، وأضاف: «أننا لم ننجح في تسويق قصتنا خارجياً ونتحدث عن صناعة رؤية إعلامية»، كان ذلك بمثابة فأل خير أننا مقبلون على تغيير نوعي.. وأنا هنا أطرح سؤالي الأول: كيف يرى معالي الوزير فرص تقييم أداء الوزارة؟ وسؤالي الثاني: هل تمّت صياغة رؤية إعلامية وخطاب جديد؟ من شارك بها؟ ولماذا يوجد ما يشبه قطيعة الرحم بين الوزارة وصناع الرأي والجمهور؟ السؤال الثالث وهو الأهم: هل سيتم تحديث وإعادة هيكلة الوزارة بمفهوم الإعلام العالمي الجديد والسياسات التنظيمية للنشر، خصوصاً للإعلام الجديد؛ والتي بالمناسبة أجدها جديرة بالاطلاع لكل صاحب رأي، لكنها تحتاج لتحديث وتطوير. لقد اطلعت على التحقيق الشفاف الذي نشر في «عكاظ» الأسبوع الماضي على صفحتين، وشعرت بسعادة وأنا أقرأ من يكتب بحيادية عن المنظومة الإعلامية الرسمية، وينتقدها أيضاً بموضوعية وشفافية، هذا الطرح المميز يعكس أن وزارة الإعلام ليس لديها شيء تخفيه (كما ذكر كاتب التحقيق الزميل فهيم الحامد)، ولم تعد الوزارة بمنأى عن الانتقاد الموضوعي. أعتقد أننا في ظل أزمة «كوفيد 19» نعيش حالة من التفاؤل على رغم تداعيات الأزمة، فكل ما شاهده الناس من تفاعل وتغطيات ومواكبة للأحداث في زمن الجائحة تجعل المجتمع في حالة انتظار للأفضل، وكلنا ثقة بالعقول الوطنية والسواعد البناءة، كون المجتمع بحاجة لرؤية إعلام يحتضنه وإعلام يغذي الطفولة وإعلام يصنع هويات متعددة ووطنية متسامحة ومعتدلة تعكس شخصية الإنسان السعودي المحب الخير، فجزء من الدراما السعودية خلقت حالة سخط لدى بعض الناس، فهي لا تشبهنا، ولا تشبه المجتمع بل تقصي المرأة وتفرز صراعات يفترض أن نتجاوزها ونمضي لبناء مستقبل يشبه رؤيتنا الحيوية والبناءة، إعادة ثقة الجمهور بأجهزة الإعلام تحدٍّ حقيقي، لكنه ليس بالأمر المستحيل، طالما هناك العزيمة والجدية. معركتنا الإعلامية الحقيقية هي المعركة مع الإعلام المعادي، وهو ملف ساخن وشائك ينتظر تمكين طاقاتٍ شبابيةٍ بلغاتٍ متعددةٍ وخلايا تفكير تنتج ولا تكتفي بالتنظير، مواد إعلامية مضادة بلغة الآخر وبعقليته، فالإعلام هو الوجه الآخر للدفاع، وهو قوتنا الناعمة وغير الناعمة، نحتاج الإعلام الحربي بقدر ما نحتاج الإعلام الاجتماعي والثقافي والترفيهي، الإعلام ليس وجهاً واحداً كما يظن البعض، بل هو وجوه متعددة ومسارات، فلنجعلها كلها خضراء ومورقة لوطن مزهر. كاتبة سعودية [email protected]