قوبل اختيار الناشطة الإخوانية اليمنية توكل كرمان في مجلس الإشراف على محتوى موقع التواصل الشهير فيسبوك باستغراب وضجيج احتجاجي في منصات التواصل الاجتماعي، وهذا مفهوم ومتوقع بالنظر إلى طبيعة فكر جماعة الإخوان المصنفة كتنظيم إرهابي في بعض الدول، لكن المهم في الأمر تلك التفسيرات السطحية التي ذهبت إلى أن إدارة الموقع لا تحسن اختيار المؤهلين لهذه المهمة وأنها أخطأت باختيار توكل، ليس إلا. الحقيقة أن اختيارها من إدارة هذا الموقع الشهير الذي تتابعه المليارات لم يكن اعتباطاً أو صدفةً أو غلطةً، إنه اختيار مدروس ومقصود لتحقيق أهداف محددة لجهات أكبر من فيسبوك وإدارته من خلال أشخاص تمت دراسة خلفياتهم وانتماءاتهم الفكرية والعوامل المتوفرة لديهم لتحقيق تلك الأهداف، وما توكل سوى أحد عناصر منظومة كبيرة لتنفيذ مشروع استراتيجي طويل المدى ومتعدد المراحل ومتنوع التكتيك. وللتوضيح فإن المشروع الغربي الجديد في المنطقة العربية هو صاحب التأثير الأكبر والأهم في القوى الناعمة كالإعلام والمنظمات غير الحكومية ومراكز صناعة وتوجيه الرأي العام، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي من أهم المنصات وأخطرها التي تم اختراقها وتوجيهها لخدمة هذا المشروع الخطير في العالم العربي، مشروع الثورات وتغيير الأنظمة وخلط كل الأوراق لخلق واقع جديد يتسم بالفوضى والهشاشة والسيولة السياسية. هذا المشروع استخدم تنظيم الإخوان المسلمين كحصان طروادة لأنه التنظيم الوحيد الجاهز لتنفيذه بحكم أدبياته وجوهر فكره الذي يتماهى معه، ولتمرير المشروع كان لابد من تجهيز أنظمة رسمية لدعمه باحتضان التنظيم مالياً ولوجستياً وإعلامياً، فرأينا ما تقوم به قطروتركيا من تبنٍّ كامل لكوادره. وللتذكير فقد أنفقت قطر حوالى 8 مليارات دولار في الفترة الماضية القريبة على منصات إعلامية لخدمة المشروع. نتذكر جيداً دور فيسبوك تحديداً في بداية ما سمي بالربيع العربي، وكيف كان منصة التثوير والشحن النفسي وتمرير الخطط، تذكروا الأسماء التي برزت فيه آنذاك، كيف تمت صناعتها وكيف اختفت لاحقاً. الآن ومنذ فترة يتردد الحديث عن موجة جديدة من الربيع العربي، تركيا نشطة جداً في الساحة العربية بتواجدها في ليبيا وسوريا وقطر، واستقطابها لكوادر الإخوان وإعلامهم، وقطر مستمرة في فتح خزائن أموالها لهم، وإيران تقوم بالدور الموكل لها، والتكتيك الراهن يقتضي فتح منصات مؤثرة مثل فيسبوك لكوادر ذات مواصفات محددة مثل توكل كرمان، سيدة عربية تم ترتيب منحها جائزة نوبل، ومنخرطة بنشاط في تنظيم الإخوان الذي يمثل مقاول الباطن للمشروع الغربي التخريبي. لا شيء يحدث عشوائياً أو بالصدفة، الموضوع أكبر وأخطر من فيسبوك وتوكل كرمان. فكروا في غرفة عمليات المشروع وليس في مقاوليه وجنوده ومرتزقته. [email protected]