بين الشعوب الخليجية وشائج قوية عبر التاريخ وفي الحاضر والمستقبل، ومسيجة بأواصر المصير المشترك، مما لا يحتاج إلى تفصيل ولا تذكير أو تأكيد، والشعب القطري الشقيق ليس استثناء من هذه الحقيقة التي ينصهر فيها بعمق جذوره وصلات القربى التي تشكل الانتماء الوجداني، ويستشعر قدرية الجسد الواحد الذي يؤطره مجلس التعاون على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية ومكتسبات كبيرة تحققت عبر عقود، لكنه ومنذ سنوات يتوجس خيفة عليها من النزق التآمري الذي أوغل فيه نظامه الحاكم وتمادى في حقده وسلوكه العدائي ضد أمن واستقرار الدول الشقيقة خاصة المملكة والبحرين والإمارات العربية وامتدادا إلى مصر وسوريا وليبيا. إن سجل النظام القطري منذ نظام الحمدين الذي قادته أحقاده وأوهام الزعامة إلى تمزيق كل الروابط والقيم والأعراف وحتى القوانين الدولية، بتحويل قطر من دولة بالمفهوم المتعارف عليه دوليا، إلى حاضنة لعتاة الإرهاب وتمويل جماعاته بأموال الشعب القطري لهدم وتدمير الدول واستهداف استقرارها، وقد استعصت عليه بعضها بكل حزم وصلابة وسقطت أخرى في حالة التمزيق والدمار، ولا يزال النظام القطري يكتب لنفسه تاريخا مخزيا موثقا بأفعال الغدر والخيانة تجاه الأشقاء على امتداد الجغرافيا الخليجية والعربية، وتسخير آلته الإعلامية وأبواقه المأجورة داخل قطر وخارجها في الهدم والتشويه والتضليل. للأسف باع النظام القطري انتماءه الخليجي وعروبته في سوق النخاسة السياسية الإيرانية التركية، وارتمى في أحضانهما بعد أن فقد بوصلة الرشاد حتى فقد القرار، وأفقد بلاده الحضن الخليجي وباتت وشعبها رهينة أطماع فارسية عثمانية تجددت وأطلت بوجهها التآمري القبيح ضد دول المنطقة والأمة، وجعلت من نظام الدوحة أداة لمشروعها التوسعي، فيما الشعب القطري يرى ويدفع الثمن فادحا لما آلت إليه أوضاعه وكرامته جراء سلوك نظامه ومعاداته لدول الجوار وفي مقدمتها المملكة الشقيقة الكبرى التي صبرت ومنحت الفرصة تلو الأخرى لعله يفيء إلى الصواب، ولم تقطع دول الرباعية العربية جسور العودة لنظام الدوحة حفاظا على مصالح وروابط الأشقاء القطريين. يوم الأحد الماضي طالعتنا «عكاظ» الغراء بحوار موسع ومهم مع الشيخ مبارك بن خليفة آل ثاني، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، وما تحدث عنه وكشفه من حقائق دامغة، يستحق بالفعل التوقف باعتباره شاهدا من أهل قطر وأسرتها الحاكمة، سواء بشأن جرائم النظام بحق الشعب القطري والأمة، أو التغول الإيراني التركي في صناعة القرار القطري، وفي اقتصاد البلاد واستنزاف مواردها في التآمر، وقد وصف الشيخ مبارك الوضع الحالي بعد مؤامرات ومخططات نظام «الحمدين»، لاستهداف أمن الدول واستقرار الشعوب، بأنه لا يسر كل محب لدول مجلس التعاون الخليجي، ودول المنطقة بشكل عام، وتأكيده بأن أهالي قطر الأصليين بمن فيهم أسرة آل ثاني يتألمون في اليوم ألف مرة، لأن ما أقدم عليه النظام من حماقات لا يمثلهم ولا يرضيهم، ولا يعكس توجهاتهم نحو الشعوب الخليجية والعربية، التي يلتقون معها في النسب والمصير المشترك منذ الأزل. فماذا بقي للنظام من جرائم وتآمر يقطع بها خط الرجعة حيث لا عهد له ولا موثقا كسلفه «نظام الحمدين» وقد بدأت نذر وشرارات الغضب تتوالى من الشعب القطري والمعارضة وتسريبات عن محاولات انقلاب، بعد أن وصل الأمر -كما قال الشيخ مبارك آل ثاني- إلى إهانة النساء، واحتجاز الأطفال ومنعهم من التواصل مع آبائهم الذين هربوا من بطش النظام الفاسد. * كاتب سعودي [email protected]