لا شك أن لعبة الأُستغماية هي من أجمل الألعاب التي لعبناها جميعا في الصغر. اعتمدت على الاختباء والتخفي. وإحدى ركائزها هي عنوان هذا المقال... وترمز للحظة الحاسمة في اللعبة... عندما ينكشف «المستخبي»... شغل بوليسي للبزورة. وموضوعنا اليوم عن الجراثيم وقدراتها الرهيبة في الاختباء. وهناك أنواع مختلفة منها وأهمها البكتيريا، والفطر، والديدان، وعلى رأسها جميعا تتربع الفايروسات. وخطورة الفايروسات تكمن في بساطة تركيبتها، وسرعة تكاثرها، ومراوغتها، وعدم تأثرها بالمضادات الحيوية، وقدرتها على القتل بسهولة. وقائمة الأمراض التي تسببها خطيرة وطويلة وتشمل التالي: جائحة الكورونا (الكوفيد 19) التي يعاني منها العالم بأكمله الآن، وأشكال الكورونا الأخرى (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الشهيرة باسم «ميرز»)، ومتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (سارز). وهناك أيضا جميع أنواع وأشكال الإنفلونزا، والبرد، والجدري، وشلل الأطفال، وداء الكلب، والحمى الصفراء، وحمى الضنك، وأنواع مرض نقص المناعة البشري (الايدز).. طيب وماذا عن عنوان المقال... موضوعنا يكمن في اكتشافات حديثة أن معظم الأمراض البشرية المعدية تنتمي إلى فئة ما يسمى «المرض الحيواني المشترك» Zoonosis ويرمز إلى «نطنطة» تمارسها الفايروسات من خلال سكنها بداخل بعض من أنواع الحيوانات قبل أن «تهجد» بداخل الإنسان لتسبب الأمراض الخطيرة... يعني باختصار تمر الجرثومة عبر الحيوان بدون أن تمرضه فيشتد عودها ثم تصل إلى الكائن البشري لتمرضه وقد تفتك به. وكما ذكرت فمعظم الأمراض المعدية تعتبر بعض الحيوانات «تكية» مريحة قبل أن تقفز إلى البشر وتسمى «العائل الخازن» أو «العائل الطبيعي». ولكن الأربعين في المائة الأخرى من الأمراض البشرية المعدية لا تلجأ إلى المعيشة الهانئة في أجسام الحيوانات قبل الانتقال إلى الإنسان. وكمثال كان الجدري من الأمراض الفتاكة القاتلة عبر التاريخ. ويسبب المرض فايروس اسمه «فاريولا» وهو يعيش في الجسم البشري، ولا يستطيع أن يعيش في خلايا الحيوانات. ولذا كان القضاء عليه سهلا نسبيا وهذا ما حصل فعلا بتوفيق الله بنهاية القرن العشرين. وكذا الحال بالنسبة للفايروس المسبب لشلل الأطفال والفايروس المسبب للجدري، وكلاهما يقطن في جسم البشر فقط لا غير. وأما ما نشهد الآن من خبث فايروسات «الكورونا» بأنواعها المختلفة فهي تختبئ في حيوانات أخرى مثل الخفافيش، وبعض الكائنات الأخرى التي لا تسبب لها المرض ولذا فمن الصعب اكتشافها والقضاء عليها. أمنية العالم كله بانتظار لحظة اكتشاف علاج الكوفيد 19... معظمنا بانتظار العلاج، ولكن هناك مجموعات من العلماء يبحثون في سلوك الفايروس بالنطنطة التي يمارسها بطريقة سافرة من بعض الحيوانات إلى البشر. وإحدى أهم محطات القضاء عليه هي اكتشاف اختبائه ومراوغته. أتمنى أن يوفقنا الله عز وجل في إيجاد العلاج، وكشف الأسرار، وإنهاء هذه الكارثة... وللموضوع بقية بمشيئة الرحمن، وهو من وراء القصد. * كاتب سعودي