لماذا عمد الرئيس الصيني لتأخير مواجهة الفايروس والإعلان عنه في بدايته؟ لماذا تأخر رئيس الوزراء البريطاني في فهم وملاحظة أخطار الجائحة؟ فذهب في إجازة خاصة وتخلف عن خمسة اجتماعات مهمة لحكومته مخصصة لمناقشة أخطار الجائحة؟ لماذا خفف الرئيس الأمريكي من جائحة كورونا فتارة يقول حقيقةً وتارةً أخرى يقول وهماً؟ لماذا سمى الرئيس البرازيلي الجائحة ب«موجة برد بسيطة»؟ السؤال المهم لماذا لم يستطع العديد من قيادات العالم من أن يروا النتائج الكارثية للجائحة؟ لماذا كذبها البعض وخفف منها البعض الآخر؟ الحقيقة أن جائحة كورونا كشفت من أن من نسميهم بقادة العالم لم يقدموا القيادة المطلوبة في زمن الجائحة. رأينا هؤلاء القادة لا يملكون النظرة العالمية للعالم وإلى هذا اليوم لم يقدموا نظرة عالمية يقودون من خلالها تعامل العالم مع الجائحة أو تبعاتها، ليس على دول العالم واقتصادياتها فحسب، بل على النظام العالمي وتعاونه في زمن الأزمات غير البشرية. لن نتمكن من المعرفة العميقة لمسببات النظرة العمياء لدى هؤلاء القادة ولكن نعرف أن البعض منهم يعاني من عقلية قومية وطنية ليس لباقي العالم فيها مكان، تماماً كما هو الحال مع الرئيس الأمريكي أو كما هو الحال مع الصين التي حاولت إخفاء المعلومات عن هذا الفايروس في البداية، لحفظ ماء وجهها القومي ولكي لا يسمى هذا الفايروس بالفايروس «الصيني». هناك من قلل من تأثير الجائحة لكي لا يتوقف اقتصاد دولته، فالرئيس المكسيكي ومع تفشي الفايروس في بلاده شجع مواطنيه للذهاب إلى المطاعم والأكل فيها. البعض الآخر يرفض الاعتراف بالحقائق العلمية عن خطورة فايروس كورونا، تماماً كما هو الحال مع الرئيس البرازيلي ورئيس الوزراء البريطاني الذي اعتقد من أن وفاة واحد بالمائة من المصابين ليس بالكثير، والرئيس الأمريكي الذي قابل الجائحة بالشك والظنون من أن هذه الجائحة «اختلقت» من أجل الإطاحة به بسبب سياساته الاقتصادية والتجارية المعادية للصين. القومية ورفض الحقائق العلمية والخوف على الاقتصاد هي من أهم الأسباب التي أعمت قيادات العالم عن تقديم قيادة عالمية شاملة لكل أطراف الأرض. هذا العمى القيادي ترك فراغاً غير مسبوق. اعتقد العديد من أن منظمة الصحة العالمية لديها القدرة على تقديم قيادة لمواجهة هذه الجائحة ولكنها اكتفت بدور الناصح والمشرف ودعت كل دولة للتعامل مع الجائحة «كما تراه مناسباً». القيادة المطلوبة ليست صحية فحسب وليس من دور منظمة الصحة العالمية أن تعتني بعواقب الجائحات غير الصحية. في ظل هذا الغياب القيادي للعالم في زمن الجائحة تبرز المملكة العربية السعودية بتوفيق من الله وحكمة من قيادتها -حفظها الله- ومن خلال قيادتها لمجموعة العشرين لتملأ هذا الفراق القيادي، فلا يخلو أسبوع من ترؤس المملكة لاجتماعات رئاسية أو وزارية لمناقشة التحديات الاقتصادية، الصحية، التجارية، البيئية، الإنسانية، الاستدامية، وغيرها العديد من التحديات لكل ما يهم الإنسان في كل دول الأرض. نجحت المملكة وقيادتها الرشيدة من أن ترى ما لم يتمكن الآخرون من رؤيته فتمكنت بعون من الله بتقديم الإنسان أياً كان على كل الاعتبارات القومية والاقتصادية والعلمية. تقدم المملكة قيادة للعالم لأن قيادتها لم تعمها ظنون وخوف وشكوك من الآخر، قيادة المؤمن الواثق بربه، تمسكت بمبادئها الإنسانية وعملت على فتح أبواب التعاون العالمي في وقت أقفلت دول الدنيا أبوابها. * أستاذ بجامعة لندن [email protected]