انتزع فايروس كورونا عادة أصيلة لأهالي محافظة الداير بمنطقة جازان، اعتادوا فيها كسر الروتين اليومي للإفطار في منازلهم، بالإفطار على المسطحات الخضراء على أحد المدرجات الزراعية بالجبل قريباً من السحب التي كثيراً ما تخيم على أجواء جبال الداير، أو الإفطار بالقرب من أحد المساجد القديمة في استعادة للذكريات، إذ يتجمع أهالي القرية بإفطارهم قبيل المغرب، لتأصيل عادة الأجداد في الإفطار خارج المنازل. وتسببت الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فايروس كورونا، في اختفاء تلك العادة الأصيلة، ليؤكد الأهالي ل«عكاظ» أنهم ينفذون التوجيهات كافة بالبقاء في منازلهم حفاظاً على صحة الجميع. وأكد أحد أبناء الداير فرحان بن حسن العزي، أن اليوم الأول للإفطار في المنازل مر غريباً على الجميع، لكن الكل رفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل أن يرفع هذا البلاء ويزيح الغمة. وبيّن أنه كان في مثل هذا الوقت يشاهد منظراً مهيباً يتوافد الأهالي إلى خارج المنازل من بعد صلاة العصر مباشرة مصطحبين معهم وجبات الإفطار والأكلات الشعبية المعتادة للسكان في شهر رمضان ويتجمعون حولها فوق جبال بني مالك حيث الأجواء والطقوس الخاصة بالشهر المبارك. وأضاف نحلم بالعودة لكل عاداتنا الجميلة ونحن في صحة وعافية بإذن الله. ويستذكر مفرح أحمد الحريصي، ذكريات رمضان من كل عام، فلقد «كنا في جبال الحشر نجتمع حول قمة الجبل مصطحبين الأكلات الشعبية التي يجيد نساء جبال الحشر طبخها بحرفية عالية كخبز الميفا والعصيد والمرق واللحم المجفف والحنيذ والمعصوب والعريكة، إضافة إلى الأكلات الرمضانية الأخرى كالسمبوسة والمكرونة والشربة ونتبادل الأطباق والإفطار بين سكان القرى، إذ يقوم كل منا بإهداء جاره نوعاً محدداً من طبخ البيت فتجد السفرة عامرة وقت الإفطار بما لذ وطاب، مستذكراً بذلك الأيام الخوالي والزمن الجميل حين كان يعتمد الأهالي على النجوم في تحديد وقت أذان المغرب بغياب الساعات والميكروفونات، كما كان تقدير الوقت يتم عبر رؤية الشمس وقت الغروب فيسدون رمقهم ببعض تمرات وماء ومن ثم يبدأون الفطور وسط هذه الأجواء الرائعة». وأضاف «في هذا العام ستغيب هذه المشاهد التي اعتدنا عليها وسيكون الإفطار والصلاة في المنازل وهو ما عملنا عليه من أول يوم صيام هنا في جبال الحشر والتزمنا بالمنازل كما نصت عليها التعليمات حماية لنا ولأنفسنا».