كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية وفطرتهم، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع بزوغ نجم الدين الإسلامي واتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فأصبحت جزءاً من المجتمع العربي، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يداخلها ويخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومنهم: أبو طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي الفيروز آبادي. ولد في بلدة كازرون إحدى بلاد فارس عام 729 ه، جالَ البلدان طلباً للعلم، من بغداد إلى دمشق وحلب وحماة، وبعلبك والقاهرة إلى مكة والمدينة والطائف وزبيد اليمن التي توفي بها سنة 817 ه، وترك مآثر جليلةً كثيرةً، أهمها القاموس المحيط، والبلغة في تراجم أئمة النحاة واللغة.