لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت كورونا، ذلك الفايروس العجيب الذي اجتاح العالم وتهاوت أمامه الكثير من المنظومات الصحية العريقة. جائحة كورونا، تركت الكثير من علامات الاستفهام والتعجب التي نحاول من خلال هذا اللقاء كشف الكثير من أسرارها. إذ أوضح الدكتور حاتم مخدوم الأستاذ المساعد في علم الفايروسات الطبية الجزيئية التشخيصية ووكيل كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة طيبة، الكثير من ملابسات كورونا وطريقة الوقاية منها، مبينا في حوار تم بثه في برنامج «من.. إلى» عبر «عكاظ-بودكاست» أن لقاحا سعوديا لعلاج كورونا سيعلن عنه قريبا. وقال أن المنحنى الوبائي يشير إلى أن المملكة ستصل إلى مرحلة الاستقرار نهاية شهر أبريل الجاري. وإلى نص الحوار: •لفت انتباهي أنك لا ترتدي القفازات؟ فهل هذا يعني أن القفازات لا تحد من الإصابة بفايروس كورونا؟ •• أود أن أوضح أن الفايروس لا ينتقل عبر الأصابع أو اليد، ما لم تلمس سطحا ملوثا ثم تلمس أنفك أو فمك أو عينك، ونلاحظ أن القفازات تتوافق مع طبيعة العاملين في المستشفيات بشكل أكبر، وأستغرب من وضع القفازات في السوبرماركت لأن المتسوق يلمس الأسطح ثم يلمس جواله وخلافه، فما فائدة ذلك إذا لامست عينيك أو أنفك أو فمك، بالتأكيد سينتقل الفايروس، ما يعني ضرورة تعقيم الأيدي بغسلها بالماء والصابون لمدة 20 ثانية أو المعقم الكحولي، وهي أفضل الطرق للحماية من عدوى الفايروس. وأشدد على عدم المصافحة، إذ يكفي السلام بالنظر كما تقول وزارة الصحة في شعارها، وهذا يحمي من العدوى بشكل أكبر، وبالتالي تقل عدد الإصابات، فعدم السلام وتعقيم اليد يشكلان خط الدفاع الأول للحماية من الفايروس. • هل لنا أن نتعرف على فايروس كورونا بشكل علمي دقيق والاختلافات بينه وبين الفايروسات السابقة؟ •• الفايروسات بشكل مبسط هي عوائل، كل منها يصيب بشكل مختلف، ولكل منها أمراض معينة، فمثلاً بعض الفايروسات تصيب الجهاز الهضمي وبعضها يسبب الحمى النزيفية وأخرى تصيب الجهاز التنفسي، من ضمنها عائلة كورونا فايروس، وهي فايروسات لديها غلاف بروتيني، داخله المادة الوراثية RNA وغالبا تعد ملوك الطفرات المتكررة. وعائلة كورونا، فايروسات كثيرة، لكن المكتشف منها حتى الآن 7 فايروسات تصيب الإنسان، والبقية موجودة في الخفافيش كمصدر أساسي. • هل ثبت علميا أن هذه الفايروسات موجودة في الخفافيش والإبل؟ •• أساس فايروس كورونا يستوطن الخفافيش، ويمكن أن ينتقل للبشر أو لحيوانات أخرى، وهناك 4 فايروسات من عائلة كورونا تسبب الرشح ونزلات البرد العادية منذ 1960، ولم تلق لها الناس بالاً، لأنه مجرد رشح وزكام، وفي الغالب ليست مميتة بشكل كبير. ثم في عام 2003 اكتشف فايروس السارس (في الصين) فكان نقطة تحول، إذ بالإمكان أن تكون لهذه الفايروسات طفرات ويمكن أن تؤدي لموت البشر، وانتشر الفايروس وقتها بشكل سريع وكانوا يطلقون عليه كورونا المستجد في حينها، ثم أسموه سارس في ذلك الوقت، وأصاب أكثر من 8 آلاف حالة وقتل تقريبا 848 شخصا، ثم اختفى بعد السيطرة عليه بشكل كامل. • هل تمت السيطرة على «سارس» من خلال لقاح معين؟ • لم يكن هناك لقاح ذلك الوقت، واكتشف اللقاح، بعد اختفاء الفايروس، وفي عام 2012، تم اكتشاف فايروس آخر (في السعودية) (ميرس) ما أعاد الذاكرة لعام 2002، فهو فايروس سريع الانتقال وعالي الضراوة ومن الممكن أن يقتل الكثير من البشر، ما أحدث رعبا وقتها، لكن لم يكن الانتقال سريعا. •ما الفرق بين كورونا القديم (سارس1) و(سارس2) كورونا المستجد؟ •• أهم الاختلافات تكمن في عامل الانتشار الذي يعتمد على مسببات عدة أبرزها أين يتكاثر الفايروس، ولعل أبرز أسباب سرعة انتشار كورونا المستجد يعود لموقع استيطانه في الجهاز التنفسي العلوي ثم السفلي، إذ ينتقل أولا في البلعوم، ما يسهل نقله لطرف آخر، حتى من لا تظهر عليهم أعراض يمكن أن ينقلوه ولكن بنسبة ضئيلة، ويركز علماء الوبائيات بشكل كبير على عدد الوفيات، فالآن نسبة الوفيات تتراوح بين 2-5% في (سارس2) أما (الميرس) فكانت 35% (السارس1) تقريبا 10%، ما يعني أن الوفيات في (سارس2) أقل من الفايروسين السابقين، لكن سرعة الانتشار الكبيرة هي المرعبة في الأمر، لأنها تؤثر على أكبر كمية من البشر، خصوصا كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، لاسيما أن الفايروس أشد ضراوة من الإنفلونزا الموسمية، ما يضغط على النظام الصحي، إذ يؤدي إلى عدد إصابات كبير يحتاج إلى مستشفيات؛ علاوة على احتياجه لطاقم طبي معين، ما يشكل ضغطا كبيرا عليهم أيضا، كما أن الممارسين الصحيين يكونون معرضين للعدوى، ما يقلل أعدادهم، وبالتالي يمكن أن يحدث انهيار للنظام الصحي بسبب سرعة الانتشار هذه، ما يستلزم استراتيجية خاصة لوقف هذا الانتشار بشكل عاجل وكبير، حتى يسمح بعلاج أكبر قدر من المرضى، ورفع نسبة الشفاء. • لوحظ أن المرض مرتبط بالجهاز التنفسي، حتى الاختبارات التي يخضع لها المصابون تتم عن طريق مسحة أنفية وليس عينة دم. لكن الفايروس كائن خامل خارج الخلية البشرية، ما يفترض معه أن يكون في الدم، فلماذا يتم الاختبار عبر مسحة طبية من الأنف؟ •• طبعا الفايروس كائن خامل، إجباري التطفل، ويحتاج إلى خلية، وهذه قاعدة أساسية في الفايروسات، لكن حين يدخل الفايروس على الخلية، فهو يحمل مفتاحا، وأقفالها موجودة في الجهاز التنفسي، ما يعني أنه لن يدخل للجسم عبر الدم، وهذه الأقفال أو المغلقة موجودة في الجهاز التنفسي (المستقبلات) وبالتالي فلكل فايروس مناخه الخاص، فعلى سبيل المثال فايروسات (الهيباتايت) لها مفاتيحها في الخلايا الكبدية، وهكذا. • لدى المملكة تجربة قديمة مع كورونا المسببة لمتلازمة الشرق الأوسط (الميرس) أو كورونا القديمة، كما اصطلح عليها الشارع، فهل استفادت من تجربتها مع هذا الفايروس لمكافحة كورونا المستجد؟ •• طبعا، استفادت بشكل كبير، أولا لجهة الإجراءات الاحترازية المبكرة، المراقبة الوبائية للمنافذ، الفحص المخبري المنتشر، أيضا بعد ارتفاع الإصابات بكورونا المستجد، نجد أن عدد إصابات الممارسين الصحيين قليلة جدا، ولا تقارن بإصاباتهم أيام كورونا القديم (الميرس)، فبالتالي تطورت مكافحة العدوى بشكل كبير، وهي بالتأكيد استفادت من الدروس، سواء إجراءاتك الاحترازية داخل وخارج المستشفيات أو على مستوى الصحة العامة في المملكة. • هل كان سيطلق على هذا الفايروس (الميرس) كورونا الجزيرة العربية؟ • دائما حين يكتشف فايروس يحاولون إلصاقه بالمكان الذي انتشر فيه، ولكن ليس منطقيا أن يرتبط اسم فايروس ببلد معين، وبالفعل كانوا يسمونه فايروس الجزيرة العربية، لكن تم الاعتراض على هذا الاسم، لأن المرض بالفعل أُكتشف في السعودية سبتمبر 2012، لكنه ظهر قبل ذلك في الأردن بمستشفى الزرقاء في أبريل، وبعد ذلك ظهر في أماكن أخرى قبل السعودية، ما يعني أن إلصاقه بالسعودية لم يكن بالشيء المقبول خصوصا أنها لم تكن منبعه. • هل احتجت وزارة الصحة السعودية على تسميته بهذا الاسم؟ •• طبعا احتجت، حتى المختصون الآن احتجوا على تسمية كورونا المستجد ب«ووهان فايروس»، ولهذا أسموه (كوفيد-19) أو (سارس2)، بحيث لا يرتبط اسمه بالمدينة أو الدولة التي ظهر فيها، لأسباب عدة منها السياسية والاقتصادية. • ارتبطت كورونا القديمة في السعودية بالإبل، هل أثبتت الفحوصات والمعامل الطبية ذلك؟ •• بالفعل، الفايروس كان موجودا في الإبل لفترة طويلة، ولم يستطع الانتقال للبشر إلا في عام 2012، لأن الدراسات العلمية حين أجرت المسح الوبائي، للأجسام المضادة لفايروس (الميرس) وجدوه في الإبل عبر عينات من فترة سابقة قد تمتد لعام 1985 أو 1990، ما يؤكد أنها أصيبت بالفايروس بناء على إيجابية الأجسام المضادة. • جائحة كورونا المستجد أفرزت الكثير من علامات الاستفهام، لدرجة أن الكثيرين لمّحوا إلى حرب بيولوجية، أو استغلال المرض سياسيا واقتصاديا، أنتم كمتخصصين كيف تنظرون إلى هذه الجائحة، هل فعلا ترون أن وراءها أهدافا سياسية أو اقتصادية؟ • غالبا العلماء يسمون ذلك القصة المعتادة، فمع كل تفشٍ تظهر نفس القصص: مؤامرة، فايروس مصنّع، ويبدأ المشككون والمرهبون يطلقون شعاراتهم، وتنتشر الوصفات الشعبية، الكل يصبح عالم وبائيات واستشاري أمراض معدية، فهي عادة مع كل تفش، بالذات المتأثرين بالأفلام ك«كونتيجين» مع أنه صدر عام 2011، إلا إنه أوحى أنها مؤامرة، رغم أن هناك عالما أمريكيا ضمن الفيلم اسمه الدكتور ايان ليبكين ويطلق عليه صائد الفايروسات أو عالم فايروسات، إذ إنه اكتشف أكثر من 600 فايروس، ما يشير إلى أن ما حدث في الفيلم هو شيء علمي، وليس مجرد قصة خيالية أو خلافه. بل إن العلماء يعملون على تحليل السلسلة الشجرية الجينية لكل فايروس، ويتم بحثها؛ هل حدثت طفرة في الفايروس، أم أنه في تسلسله الطبيعي، فوجدوا من خلال التحليل الجيني للفايروس أن انتقاله طبيعي إلى العائل الوسيط، وهو الإنسان، لاسيما أن الصينيين عادة ما يذهبون للكهوف للبحث عن الفايروسات، إذ وجدوا هذه الفصيلة، لكنها لم تكن غير قادرة على الانتقال للبشر، ولكنها عبر طفرة معينة، تمكنت من الانتقال للبشر عن طريق عائل وسيط، وهو المشتبه فيه حتى الآن (آكل النمل الحرشفي)، ف(سارس1) انتقل عن طريق زباد النخيل، و(الميرس) انتقل عن طريق الإبل، أما المشتبه الرئيسي في كورونا المستجد فهو (آكل النمل الحرشفي)، وحين تكتمل الدراسات يظهر السبب الحقيقي لانتقال الفايروس. • هل نفهم أن هناك شائعات ترافق كل أزمة، وتسعى لاستغلالها سياسيا واقتصاديا؟ •• مع كل تفشٍ هناك استغلال للأزمة، سياسياً واقتصادياً وطبياً، فتجد العلاجات تنتشر، والأجهزة الطبية تظهر لمساعدة البشر في العلاج، والتجارة، أما سياسياً فتستغل لتصفية الحسابات بين الأحزاب وغيرها، وعند أي تفشٍ علينا البحث عن المستفيد من نظرية المؤامرة، إذ نجد حالياً أن الجميع متورط في الإصابات بالفايروس المستجد، وليس هناك مستفيد واحد، المستفيد الأول هو من بدأ احترازاته الوقائية بشكل مبكر، وقلل عدد وفياته، وسيطر على الفايروس قبل انتشاره، وهو الأقل ضررا، فالكل لم يستفد سياسيا أو اقتصاديا أو طبيا، ففي أمريكا طلبوا الآن 100 ألف جهاز تنفس صناعي، فيما تحاول الشركات تصنيعه حالياً وبشكل كبير، فإذا كان هناك أحد مستفيد، كان لابد أن يكون مالكاً للقاح أو العلاجات، بالتالي نستبعد بشكل كبير نظرية المؤامرة، التي قد تكون موجودة بنسبة قليلة، ولكن من خلال الوقائع والأحداث على أرض الواقع وبشكل علمي وواقعي، نستبعدها بشكل كبير. • الانتشار السريع وراء نظرة المجتمع المظلمة لهذا الفايروس، إذ إن انتشاره بشكل غير مسبوق، فرض على الناس التفكير بشكل مختلف.. كيف ترى احترازات الدول وخصوصا المملكة؟ • صحيح الانتشار السريع والقرارات الصارمة من الكثير من الدول جعلت الإنسان يفكر من زاوية تحمل الكثير من التوجس والهلع. وبخصوص الاحترازات حتى الآن، نحن في الأسبوع الخامس من الجائحة، لكن إيطاليا وإسبانيا وألمانيا بلغت الذروة وتم تسجيل أكثر من 6500 حالة في إيطاليا، 8000 في إسبانيا، أما في السعودية فكانت أعلى ذروة يوم الثلاثاء الماضي، إذ سجلت 205 حالات وهو الأسبوع الرابع، بعدها بدأ النزول التدريجي، ثم زاد مرة واحدة قبل يومين إلى 165 حالة، وأتوقع أن السبب الرئيسي في الصعود الملحوظ كان بسبب فتح المجال لعلاج المواطن والمقيم وأيضا مخالفي الإقامة على نفقة الدولة وبدون أي إجراء قانوني ضدهم، وهذا يماثل ارتفاع عدد المصابين بعد إعفاء مخالفي إجراءات السفر خلال 48 ساعة، ولكن السعودية تسير في المتوسط 90 إلى 100، وأعتقد أنه خلال 4 أسابيع من الآن ستنخفض الإصابات. • وفقا للمنحنى الوبائي، متى تتوقعون أن تصل المملكة إلى الاستقرار؟ • أنا أتمنى في نهاية أبريل، أو قبله، فالدولة اتخذت كل الإجراءات الاحترازية الاحتياطية والوقائية، لكن يجب أن يلتزم الجميع بالعزل المنزلي والتباعد المجتمعي، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، ما يعني أن هناك جزءاً كبيراً من المسؤولية يتحمله المجتمع لوقف تفشي المرض، ولنقل الدولة أخذت الاحتياطات بنسبة 50% وعلى المجتمع أن يتحمل ال50% الأخرى بعدم المخالطة. فالملاحظ أن الحالات التي سجلت أمس 110 حالات؛ 108 منها بسبب المخالطة، ما يعني أن 98% من حالات الأمس كانت بسبب المخالطة، فتخيل لو أن الجميع التزم بالعزل المنزلي المفروض، عندها أتوقع أن نصل إلى الصفر. • كيف تقيم وعي المجتمع مع هذه الإجراءات؟ •• الملاحظ أن الوعي المجتمعي مرتفع جدا، فالطرق خالية من الناس، ربما في البداية (الأسبوع الأول) كان الموضوع جديدا والجميع يرغب في شراء الاحتياجات المنزلية، وخلافه، ولكن بعد ذلك، بدأ الوعي يتصاعد بشكل كبير، وإلى الآن الأمور طيبة. • ما أبرز النصائح الوقائية التي ترغبون في توجيهها للناس؟ •• خليك في البيت. • كيف ترى دور مراكز الأبحاث السعودية مع هذه الجائحة، ومع الأزمات السابقة؟ •• الدعم المالي موجود، والمتخصصون موجودون ولله الحمد، ولكن يجب على بعض مراكز الأبحاث أن تتماهى مع رؤية المملكة 2030، وكل منها عليه أن يؤدي دوره بالشكل المأمول، حسب رؤية الجهة التابع لها، وأعتقد لو أن جميعها انضوت تحت رؤية 2030 ستكون أكثر إيجابية. هناك أيضا بعض المراكز في الجامعات قدمت مبادرات إيجابية، إذ تقدم الدعم عبر باحثيها، وهو شيء إيجابي أيضا، ومن الممكن امتداد هذا التعامل الإيجابي خلال السنوات القادمة وتحويله إلى تعاون مثمر بين الباحثين والمراكز بشكل فعال. • هل ترى أن ميزانيات مراكز البحوث كافية؟ •• دعنا نتحدث عن مدينة الملك عبدالعزيز الطبية كمثال، نجد أن لديها ميزانيات أبحاث ضخمة، للبحوث الاستراتيجية المقننة، أما بالنسبة لمراكز الأبحاث في الجامعات رغم وجودها، إلا أن الدعم المالي غير مستمر، أو متقطع، ما يؤثر على الباحث، علاوة على طول المدة الزمنية بين المقترح والدعم المالي، مما يؤثر سلبا على المراكز. • كيف ترون دور القطاع الخاص في دعم البحوث الطبية أو العلمية بشكل عام؟ •• العلاقة معقدة بين الجامعات والقطاع الخاص، ففي الخارج مثلا، يدعم الباحث بمبالغ قد تصل إلى 8 ملايين، وهو مطالب بإخراج منتج لتعويض هذا الدعم. أما هنا فطريقة الفكر الإداري بين القطاع الخاص والجامعات مختلف بشكل كبير، كما أن هناك إشكالية حقوق الملكية الفكرية ومن سيحصل عليها؛ هل الداعم أم الجامعة تشكل عقبة، وهنا قد يحدث الاتفاق أو الاختلاف، علاوة على الحقوق الخلفية أو التراكمية الناتجة عن نجاح المشروع الأول ومن خلفه المشاريع التابعة، ما يخلق خلافا بين القطاعين، يستوجب حلولا عاجلة، أما دعم رجال الأعمال للكراسي العلمية فموجود في بعض الجامعات بالفعل، أيضا هناك تعاون بين القطاع الخاص وبعض الجامعات، إذ يستعين ببعض أعضاء هيئة التدريس ويستفيد منهم. ولكن الجميع يطمح للشراكات الاستراتيجية. • هل الوصول إلى لقاحات أمر سهل أو يتم بالسرعة المطلوبة، لاسيما أن بعض الدول أجرت بالفعل اختبارات سريرية على بعض اللقاحات في وقت وجيز، فهل الوصول إلى لقاحات يأتي بهذه السرعة؟ •• بالنسبة للقاحات، هي ليست تخصصي، إلا أن تقنية اللقاحات أصبحت متطورة، ويمكن إنتاج اللقاح خلال أسابيع، لكن الإشكالية دائما في عدة أمور، هل اللقاح آمن، وهل ممكن استخدامه، يعني مثلا إذا كانت نسبة الأمان في اللقاح 95% وتم إعطاؤه لمليون شخص، فهذا يعني أن نسبة الضرر ستقع على 50 ألف شخص، ربما يؤدي لوفاتهم، ما يعني أنه غير آمن، ويجب أن يكون اللقاح فعالاً يعالج نسبة كبيرة من المرضى، الأمر الثالث؛ التكلفة، هل هي تكلفته مقبولة، فلقاح (سارس) مثلا كلف ملايين الدولارات، وفي النهاية لم يستخدموه لأن الفايروس انتهى، وبالتالي كانت خسارة كبيرة، أيضا لقاح إيبولا الذي ينتقل عن طريق اللمس وبنسبة وفاة تصل 90%. • هذا يعني أن إنتاج لقاح يمكن أن يستغرق من سنة إلى سنتين؟ •• طبعا، من سنة إلى سنة ونصف السنة. • ما فهمته أن اللقاح يمكن تطويره خلال أسابيع، ولكن الإجراءات ما بعد اللقاح هي الإشكالية؟ •• طبعا هناك مراحل عدة حتى يتم اعتماد اللقاح، كالتجارب السريرية، ثم مراحل أخرى لحين اعتماده وتسويقه بشكل آمن وفعال. • هل الدول التي بدأت التجارب السريرية، وجدت نفسها أمام مغامرة لخوض تجربة اللقاح بشكل سريع لاحتواء الأزمة؟ •• بناء على انتشار الوباء حاليا، الوضع مختلف، ما يعني الحاجة الضرورية للقاح. •وهل وصلنا في السعودية إلى لقاحات لفايروس كورونا؟ •• أتوقع ذلك، حسب الأخبار المنشورة، هناك لقاح سعودي قادم إن شاء الله، ولكن الأمر يحتاج إلى وقت لضمان فعالية وأمان اللقاح. • تجتاج العالم موجة هلع، هل ترى لها مبررا داخليا أو خارجيا؟ •• في عام 2003 حين ظهر (سارس1)، لم يكن هناك (واتساب) أو (فيسبوك)، ولا (تويتر)، فالشائعات والهلع لم تكن تنتشر بهذا الشكل، فلا حيثيات أو وفيات ولا أخبار تتردد بهذه السرعة، فالبعض الآن يصور وينشر بشكل سريع، ما يخلق حالة الهلع، وفي الفترة السابقة، لم يكن بالإمكان نقل الشائعات ولا توجد منصات تواصل، والناس بطبيعتهم ينجذبون للأخبار السلبية، لحماية أنفسهم لا أكثر. ولكن علمياً، حين تسأل علماء الوبائيات، فإنهم يجيبون عبر نسبة الوفيات لهذا الفايروس. وبالطبع الأمر يختلف بين السعودية وإيطاليا على سبيل المثال، فالوضع هناك أكثر صعوبة وأكثر هلعا، إذ انهارت المنظومة الصحية بشكل كامل. كذلك أمريكا وصلت أعداد الوفيات إلى 186 ألفاً مرشحة لأكثر من 200 ألف وقد تنتهي إلى أكثر من ذلك، ما يعني اختلاف نظرة المجتمعات إليها. ولكن في السعودية الحمدلله الحالة مطمئنة، بناء على الإحصاءات الحالية، علاوة على الالتزام المجتمعي بالمكوث في البيت، والحالات هنا معلومة المصدر وليست مجهولة. • لكن المؤشر العالمي كسر حاجز ال800 ألف عالميا، وداخليا كسر حاجز ال1500 تقريبا؟ هل سبق أن مر العالم بإصابات وصلت إلى هذا الحد؟ •• كورونا القديم وصل إلى 2500 إلا أنه تحت السيطرة، مع أن نسبة الوفيات أعلى بكثير، لكن المشكلة في الفايروس الجديد هو سرعة الانتشار وهو ما سبب الهلع، علاوة على تسببه في انهيار النظام الصحي في أكثر من دولة. • بالنسبة للمنظومات الصحية المتقدمة كبريطانياوأمريكا، هناك صدمة من تهاوي هذه المنظومات العريقة أمام جائحة كورونا، فهل هذا الانهيار طبيعي؟ •• في الحقيقة أن التهاون والتكاسل وراء ما يحدث، وهو السبب الرئيسي، وعدم اتخاذ إجراءات احترازية بشكل مبكر، علاوة على التهوين من أمر الجائحة، خاصة أن الوفيات لم تكن تتجاوز من 2-3%، كما أنهم لم ينظروا إلى عوامل سرعة الانتشار، كما أن نسبة كبار السن في إيطاليا مثلا مرتفعة، فحققت نسبة وفيات أكبر، هذا لا يعني أن الأنظمة الصحية مثلا في إيطاليا أو بريطانيا غير مهيأة، ولكن كما قلت التكاسل والتهاون؛ علاوة على نقص الوعي المجتمعي العام كانت أبرز الأسباب. • لكن بعض التصريحات كانت مخيفة، على سبيل المثال، في بريطانيا، اعتمدوا منهجية «مناعة القطيع»، واعتقد أنها منهجية علمية، ولكن كانت التصريحات مخيفة، ومنها: «اترك الشعب يصاب ويكتسب المناعة»، و«ستفقدوا أحبابكم» وخلافه، ما تفسيركم لهذه التصريحات؟ •• هذه ربما تصريحات سياسية، المشكلة أنهم اعتمدوا منهجية «مناعة القطيع»، ولكن وجدوا أن هذا سيؤدي إلى 250 ألف وفاة في بريطانيا، وعندها تم التراجع عن هذه المنهجية. وللحقيقة السعودية من الدول السباقة في اتخاذ الاحترازات الوقائية، والآن بريطانيا تتخذ ذات الإجراءات التي اتخذناها من قبل. • هل تعتقد أن الوضع مستقر في بريطانيا حاليا؟ •• لا طبعا، الأزمة في زيادة، والمؤشر تصاعدي. • وما علاقة الأسابيع بتصاعد المؤشر أو نزوله؟ •• دائما هناك دورة وبائية للفايروس، إذ يصعد الفايروس للذروة، ومن ثم يبدأ في الانخفاض، فالأسبوع الخامس في إيطاليا بلغت الإصابات 6500 وإسبانيا 8000 وألمانيا أكثر من 6000، ولكن بعد الأسبوع الخامس بدأ المؤشر في النزول، إلى 4000 أو أقل. أما في السعودية ففي الأسبوع الرابع بلغ أعلى عدد للإصابات 205، والآن هناك نزول بالأسبوع الخامس، وإن شاء الله نستمر على هذا الوضع، إذا حافظنا على هذا المتوسط بوعي المجتمع والاحترازات التي ستؤدي إلى خفض الحالات بشكل كبير في الأسابيع القادمة. • هل سينحسر الفايروس مع دخول فصل الصيف؟ •• هذا الافتراض ليس دقيقا، فالفايروس جاء في الشتاء، وقد يقل في الصيف، لكن ليس مؤكدا أنه سينتهي خلال ارتفاع درجات الحرارة، ولكن قد تكون العدوى في فصل الصيف أقل مما حدث في الشتاء. • كيف ينتقل الفايروس، أولا قيل بالملامسة، ثم بالرذاذ، ثم أخيرا هناك تصريحات أنه ينتقل عبر الهواء هل هذا صحيح؟ •• الانتقال الرئيسي للفايروس يتم عن طريق الرذاذ، ويمكن عن طريق الملامسة، بتلوث اليد بالفايروس، ثم ملامسة العين أو الأنف، وبخصوص انتقاله عن طريق الهواء، هناك تجربة علمية وجدت أن بإمكانه الانتقال عبر الهواء، إذ يستمر في الهواء 3 ساعات، ولكن عليها ملاحظة، فهل المصاب إذا كح بالإمكان أن ينقل الفايروس أو لا، في الواقع قد يكون الأمر مختلفا عن التجربة المعملية. ولكن المستشفيات تتعامل مع الفايروس الآن على أنه من الممكن أن ينتقل عبر الهواء. • كم يمكن للفايروس أن يعيش في الهواء؟ •• قيل في التجربة العلمية أنه قد يعيش لنحو 3 ساعات. ولكن في الواقع قد يكون أقل من ذلك. • وكم تستمر حياة الفايروس على الأسطح الجامدة؟ •• الأسطح كالزجاج والحديد نحو 72 ساعة، أما الخشبية والكراتين والفايبر تصل إلى 24 ساعة. • هل ترى أن هيئة الغذاء والدواء تقوم بدورها لجهة فرز المعقمات الجيدة في هذه الفترة؟ •• أعتقد أن القطاع العام يتمتع بتكامل رائع، فالجميع متكامل، وزارة الصحة والأمن والغذاء والدواء والتجارة. • ما دور الطبيب في وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف تراه؟ •• هناك العديد من الأطباء يقدمون نصائح طبية شاملة، وبعضهم يبتعد عن وسائل التواصل وينحاز إلى أبحاثه.