صمتت المدافع وتوقف أزيز الطائرات الحربية في العالم، وأغلقت مؤقتا مصانع السلاح وخرجت الجيوش من ثكناتها هذه المرة ليس للحرب ولكن للدفاع عن محاولة سقوط دولهم أمام وباء كورونا الذي لا يملك أسلحة تقليدية، لكن قوته تفتك بالإنسان أكثر من طائرات (B52) ذات التأثير التدميري العالي. صناع القرار السياسي والعسكري والاقتصادي منصبون على مواجهة كوفيد 19 الذي أوصل العالم إلى الركود السياسي والاقتصادي التام وأصبحت الدول تصارع من أجل البقاء. كما أضحت مناطق الصراع والحروب في العالم صامتة حتى إشعار آخر. وقد خرج أمين عام الأممالمتحدة انطونيو غوتيريش عن صمته مطالبا أطراف الصراع في العالم بتوحيد قواها لمواجهة ما أسماه عاصفة الفايروس القادمة لجميع مناطق الصراع، محذرا من أن الأسوأ لم يأت بعد.. وتحمل دعوة الأمين العام إلى تطبيق وقف فوري لإطلاق النار بهدف السماح للأسرة الدولية بالتعامل مع العدو المشترك رسالة تحذيرية مهمة، كون كوفيد 19 لم يركد بعد؛ وسيكون هدفه القادم مناطق أخرى؛ وهو ما ذهبت إليه منظمة الصحة العالمية في تصريحاتها أخيرا عندما حذرت من أن كورونا سيضرب آسيا قريبا. ومن الأهمية في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها العالم تفرغ المجتمع الدولي لمواجهة العدو العالمي؛ الذي حول الكون إلى مدن أشباح. لقد بات المشهد العالمي مؤلماً وقاسيا بسبب تفشي كورونا وتداعياته المهلكة ليس فقط للبشر، إنما للاقتصاد بمختلف دول العالم، وتوجيهه نحو توفير ملاذات آمنة للبشرية من هذه الجائحة التى طغت على دول العالم بأكمله متقدمة ونامية، وأصبح العالم يتداعى مع جائحة كورونا التي عزلت الدول عن بعضها البعض، وتعمل بشكل واضح على إعادة رسم الاقتصاد والجغرافيا. إنَ العالم يحتاج اليوم إلى التكاتف الكبير لأجل الخروج من هذه المحنة التي وضعت الأنظمة الصحية العالمية أمام اختبار صعب لم تتعرض له من قبل، لقد أدى ظهور الوباء إلى تقليص النزاعات وحدوث هدوء على مسرح العمليات العسكرية في العالم إلا ما ندر حيث يعيش العالم للمرة الأولى في تاريخه على وقع حصار من طرف خفي جمد الحياة تماما، وانتقل العالم من إدارة الصراعات والحروب إلى إدارة الوباء عبر المواجهة المباشرة.. في زمن الجائحة المعولمة والهدنة الإجبارية صمتت المدافع.